ثم قال لعلي عليه السلام : أسقهم ، فجاءهم بعس اللبن ، فشربوا منه عن آخرهم حتى ارتووا ، ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام ، فبدره [1] أبو لهب ، فقال القوم : لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم إلا بما رأيتموه صنع في هذا الطعام واللبن لكفاكم ! . ثم قام وقاموا ، فافترقوا من قبل أن يذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما أراد ذكره ، فصنع لهم من غد مثل ذلك . جمعهم عليه ، فلما أكلوا وشربوا ، قال لهم : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بمثل ما جئتكم به ، لقد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ولقد أمرني الله عز وجل أن أدعوكم إليه فأطيعوني تنجوا من النار وتكونوا ملوك الأرض ، فأيكم يؤازرني على أمري أن يكون أخي ووصيي ووليي وخليفتي فيكم ، فأحجم [2] القوم عن جوابه . فلما رأى ذلك علي عليه السلام - وهو يومئذ أحدثهم سنا - ، قال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا أكون وزيرك على أمرك ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيده ، وقال : هذا أخي ووصيي ووليي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا . فانصرفوا يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك ابن أخيك أن تسمع وتطيع لابنك . وهذا أول عهد أخذه رسول الله صلى الله عليه آله لعلي عليه السلام وكان ذلك بمكة قبل هجرته في حياة أبي طالب عمه . وروى هذا الحديث بهذا النص محمد بن إسحاق صاحب المغازي وغيره من علماء العامة وجاء كذلك عن أهل البيت صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته ، وأخذ له بعد ذلك في مواطن كثيرة على المهاجرين
[1] أي منعه من الكلام . [2] أي امتنعوا عن الجواب .