مغنية يقال لها سلامة القس لسهل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري فغلب عليه حب تلك الجارية فاشتراها بثلاثة آلاف دينار فأعجب بها وغلبت عليه ، وله جارية أخرى تسمى بحبابة اشترتها له جدته ووهبتها له ، ويجلس على الشراب وهما عن يمينه ويساره تغنيان له فيطرب طربا شديدا حتى يقول : أريد أن أطير في السماء فقالت له حبابة يوما عند قوله : أريد أن أطير يا مولاي فعلى من تدع هذه الأمة ، واشتغل بذلك واحتجب عن الناس حتى ظهر الجور والفساد واقتدى به أعماله ، فعذله أخوه مسلمة بن عبد الملك وقال : إنما مات عمر بن عبد العزيز بالأمس وكان من عدله ما قد علمت فينبغي ان تظهر للناس العدل وترفض هذا اللهو فقد اقتدى بك أعمالك في أفعالك وسيرتك ، فارتدع أياما ثم عاد على ما كان عليه بحيلة من الجاريتين ، واعتلت حبابة فأقام يزيد عليها لا يظهر للناس ثم ماتت فأقامها لا يدفنها أياما جزعا عليها ، ويقبلها ويترشفها حتى جيفت ، فقيل له : إن الناس يتحدثون بجزعك وان الخلافة تجل عن ذلك ، فدفنها ثم نبشها من قبرها ثم دفنها ، وأقام على قبرها ينوح عليها بقوله : فان تسل عنك النفس أو تدع الهوى * فباليأس تسلو النفس لا بالتجلد ثم أقام بعدها قليلا ومات ( لع ) فطار بقوله إلى عذاب الله . روي إنه قال لحبابة : غنيني فامتنعت فقال لها : غنيني بحياتي فتغنت فأعجبته وطرب طربا شديدا فقال لها : ممن هذا ؟ قالت : يا أمير المؤمنين أخذتها من الأحول المكي وهو أخذها من فلان بن فلان بن أبي لهب عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان أبو لهب يجيد الغناء فكتب يزيد إلى عامله بمكة إذا أتاك كتابي هذا فأدفع إلي فلان بن فلان بن أبي لهب ألف دينار لنفقة طريقه ، وأحمله على ما شاء من دواب البريد ، وأرسله إلي ففعل ، فلما قدم الرجل ودخل عليه وقال غني فغناه فأجاد وأحسن وقال أعده فأعاده فأجاد وأحسن فقال له : ممن أخذت هذا الغناء ؟ فقال : يا أمير المؤمنين أخذته عن أبي وأبي أخذه عن أبيه أبي لهب ، فقال : لو لم ترث إلا هذا الصوت من أبي لهب لكان أبو لهب قد ورثكم خيرا كثيرا فقال : يا أمير المؤمنين ان أبا لهب مات كافرا مؤذيا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : اعلم ما تقول ولكني دخلتني له رقة إذ كان مجيدا للغناء ، ووصله وكساه ورده إلى بلده مكرما . فكان هذا اللعين قد ورث القبائح من سمية يزيد بن معاوية لان اللعين قد بلغ في اللهو والشراب والغناء ما لم يبلغه أحد ، كان يجلس مجالس الشراب ويشرب مع ندمائه ويغني :