نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 65
صعبا قد أخذهم الغضب الإلهي والبطش الذي لا يقوم له شئ ، وما مسألة المغفرة والرحمة من سيد ساخط قد هتكت حرمته واهين على سؤدده كمسألة من هو في حال سوي ، فلذلك قدم ( عليه السلام ) ما تسكن به فورة الغضب الإلهي حتى يتخلص إلى طلب المغفرة والرحمة . فقال : " رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي " يريد ( عليه السلام ) - كما تدل عليه قرينة المقام - رب إن نفسي ونفوسهم جميعا قبض قدرتك وطوع مشيئتك ، لو شئت أهلكتهم وأنا فيهم قبل اليوم كما أهلكتهم اليوم وأبقيتني ، فماذا أقول لقومي إذا رجعت إليهم واتهموني بأني قتلتهم ، وحالهم ما أنت أعلم به ؟ وهذا يبطل دعوتي ويحبط عملي . ثم عد ( عليه السلام ) إهلاك السبعين إهلاكا له ولقومه ، فذكر أنهم سفهاء من قومه لا يعبأ بفعلهم ، فأخذ ربه برحمته حيث لم يكن من عادته تعالى أن يهلك قوما بفعل السفهاء منهم . وليس ذلك إلا موردا من موارد الامتحان العام الذي لا يزال جاريا على الإنسان فيضل به كثير ، ويهتدي به كثير ، ولم تقابلها إلا بالصفح والستر . وإذ كان بيدك أمر نفسي ونفوسنا تقدر على إهلاكنا متى شئت ، وكانت هذه الواقعة غير بدع في مسير امتحانك العام الذي يعقب ضلال قوم وهداية آخرين ، ولا ينتهي إلا إلى مشيئتك ، فأنت ولينا الذي يقوم بأمرك ومشيئتك تدبير أمورنا ، ولا صنع لنا فيها ، فاقض فينا بالمغفرة والرحمة ، فإن من جملة صفاتك أنك خير الغافرين ، واكتب لنا في هذه الدنيا عيشة آمنة من العذاب ، وهي التي يستحسنها من أحاط به غمر السخط الإلهي ، وفي الآخرة حسنة بالمغفرة والجنة . وهذا ما ساقه ( عليه السلام ) في مسألته ، وقد أخذتهم الرجفة وشملتهم البلية ، فانظر كيف استعمل جميل أدب العبودية واسترحم ربه ، ولم يزل يستوهب الرحمة ، ويسكن بثنائه فورة السخط الإلهي حتى أجيب إلى ما لم يذكره من الحاجة بين ما ذكره ، وهو إعادة حياتهم إليهم بعد الإهلاك ، وأوحي إليه بما حكاه الله تعالى : " قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون
نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 65