نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 61
إنما ذكر الحاجة ثم سكت ، فما للدنيا عند الله من قدر . واعلم أن قوله ( عليه السلام ) : " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي " يجري في الاعتراف بالظلم وطلب المغفرة مجرى قول آدم وزوجته : " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " [1] بمعنى أن المراد بالظلم هو ظلمه على نفسه لاقترافه عملا يخالف مصلحة حياته كما أن الأمر كان على هذا النحو في آدم وزوجته . فإن موسى ( عليه السلام ) إنما فعل ما فعل قبل أن يبعثه الله بشريعته الناهية عن القتل وإنما قتل نفسا كافرة غير محترمة ، ولا دليل على وجود النهي عن مثل هذا القتل قبل شريعته ، وكان الأمر في عصيان آدم وزوجته على هذه الوتيرة فقد ظلما أنفسهما بالأكل من الشجرة قبل أن يشرع الله شريعة بين النوع الإنساني ، فإنما أسس الله الشرائع كائنة ما كانت بعد هبوطهما من الجنة إلى الأرض . ومجرد النهي عن اقتراب الشجرة لا دليل على كونه مولويا مستلزما لتحقق المعصية المصطلحة بمخالفته ، مع أن القرائن قائمة على كون النهي المتعلق بهما إرشاديا كما في آيات سورة طه على ما بيناه في تفسير قصة جنة آدم في الجزء الأول من الكتاب . على أن الكتاب الإلهي نص في كون موسى ( عليه السلام ) مخلصا ، وأن إبليس لا سبيل له إلى إغواء المخلصين من عباد الله تعالى ومن الضروري أن لا معصية بدون إغواء إبليس ، قال الله تعالى : " واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا " [2] وقال تعالى : " قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين " [3] . ومن هنا يظهر أن المراد بالمغفرة المسؤولة في دعائه كما في دعائهما ( عليهم السلام ) ليست هي إمحاء العقاب الذي يكتبه الله على المجرمين كما في المعاصي المولوية