نام کتاب : سنن النبي ( ص ) ( مع ملحقات ) نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 54
" اجعل هذا البلد آمنا " ولم يقل كما في دعائه السابق : " واجعل هذا بلدا آمنا " . ومما استعمل فيه من الأدب تمسكه بالربوبية في دعائه ، وكلما ذكر ما يختص بنفسه قال : " رب " وكلما ذكر ما يشاركه في غيره قال : " ربنا " . ومن الأدب المستعمل في دعائه أن كلما ذكر حاجة من الحوائج يمكن أن يسأل لغرض مشروع أو غير مشروع ذكر غرضه الصحيح من حاجته ، وفيه من إثارة الرحمة الإلهية ما لا يخفى ، فلما قال : " اجنبني وبني . . . الخ " ذكر بعده قوله : " رب إنهن أضللن . . . الخ " . وحيث قال : " ربنا إني أسكنت . . . الخ " قال بعده : " ربنا ليقيموا الصلاة " وإذ دعا بقوله : " فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات " ذيله بقوله : " لعلهم يشكرون " . ومن أدبه فيه أنه أردف كل حاجة ذكرها بما يناسب مضمونها من أسماء الله الحسنى كالغفور والرحيم وسميع الدعاء ، وكرر اسم الرب كلما ذكر حاجة من حوائجه ، فإن الربوبية هي السبب الموصول بين العبد وبين الله تعالى ، وهو المفتاح لباب كل دعاء . ومن أدبه فيه قوله : " ومن عصاني فإنك غفور رحيم " حيث لم يدع عليهم بشئ يسوء ، غير أنه ذكر مع ذكرهم اسمين من أسماء الله تعالى هما الواسطتان في شمول نعمة السعادة على كل إنسان - أعني الغفور الرحيم - حبا منه لنجاة أمته وانبساط جود ربه . ومن ذلك ما حكاه الله عنه وعن ابنه إسماعيل وقد اشتركا فيه ، وهو قوله تعالى : " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " [1] . دعاء دعيا به عند بنائهما الكعبة ، وفيه من الأدب الجميل ما في سابقه .