وإذا رفع أحدٌ صوتَهُ زَبَرَهُ بما يناسبه ، ويُقبل على الحاضرين كلّهم ، ويجلس مستدبِرَ القبلة ليستقبلها أصحابُهُ ؛ لأنّهم في الأغلب أكثرُ منه ، ويفتح مجلسه ويختمه بحمد الله والصلاة على نبيّه وآله ، ودعاء يليقُ بالحال ، ولا يسرد الحديث سرداً فيمنع ذلك عن فهمه ، وليسْتَنْصِت الناسَ إذا حصل في المجلس لَغَطٌ ، وكلّما ذَكَرَ النبيَّ أو أحَدَ الأئمّة صلّى عليه ، وكذا خُلَّص الصحابة وأصحاب الأئمّة وأكابر العلماء ينبغي الترحّم عليهم أو الترضّي عنهم ، وإن كان عنه عن أبيه ترضّى عنهما . ويحسن بالمحدّث وغيره الثناءُ على شيخه باللفظ والكتابة بما هو أهله ، والدعاء له ، ولا بأس بذكره بلقب أو وصف أو حِرفة أو أُمٍّ إذا عرف بها ، وإذا روى الحديث عن جماعة قدّم أرجحهم . وليُنَبِّهْ على صحّة الحديث أو ضدّها ، وما فيه من علوٍّ أو فائدة أو ضبط مُشْكِل . وليتجنّب أن يحدّث بما لا يحتمله عقولُ السامعين ، أو ما لا يفهمونه . فقد رُوّيْنا بأسانيدنا عن محمّد بن يعقوب ، عن جماعة من أصحابه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فَضّال ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " ما كلّم النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) العبادَ بكُنْهِ عقله قَطُّ ، وقال : إنّا معاشرَ الأنبياء أُمِرْنا أن نكلّمَ الناسَ على قدر عقولهم " ( 1 ) . ويستحبّ أن يختمَ مجلس الدرس والحديث بحكايات ونوادر وإنشادات تُناسب الحال في الزهد والآداب ومكارم الأخلاق ونحو ذلك . فقد رُوّيْنا بطرقنا عن محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البَخْتَري ، رفعه ، قال : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : " رَوِّحُوا أنفسكم ببديع الحكمة ؛ فإنّها تَكِلُّ كما تكلّ الأبدانُ " ( 2 ) .
1 . الكافي 1 : 23 ، كتاب العقل والجهل ، ح 15 . 2 . الكافي 1 : 48 ، كتاب فضل العلم ، باب النوادر ، ح 1 .