أصل [ 2 ] وأمّا البحث في السَنَد - وهو المقصود من هذا الباب - : فاعلم أنّ " السند " هو طريق المتن ؛ أعني مجموع مَنْ رَوَوْهُ واحداً عن واحد حتّى يصلَ إلى صاحبه . مأخوذٌ من قولهم : " فلانٌ سَنَدٌ " أي يُسْنَدُ إليه في الأُمور ؛ أي يُعْتَمَدُ عليه ، فسُمّي الطريقُ " سَنَداً " لاعتماد المحدّثين والفقهاء في صحّة الحديث وضعفه على ذلك . و " الإسْنادُ " : هو ذكر طريقه حتّى يرتفع إلى صاحبه . وقد يطلق " الإسْناد " على " السند " فيقال : إسْناد هذا الحديث صحيح أو ضعيف ؛ وذلك لأنّ المتن إذا ورد فلابدَّ له من طريق موصل إلى قائله ، فهذا الطريقُ باعتبار كونه معتمَداً للعلماء في الصحّة والضعف يُسمّى : " سَنَداً " ، وباعتبار تضمّنه رفْعَ الحديث إلى القائل يُسمّى " إسْناداً " . ثمّ إنّ أسماء متن الحديث تختلف باعتبار اختلاف سنده في القوّة ، والضعف ، والاتّصال ، والقطع ، ونحو ذلك . ويترتّب على ذلك فوائد : جواز العمل به وعدمه ، وأنواع الترجيحات المقرّرة في الأُصول . وأمّا السُنّة الفعليّة : فإنّ فعلهم ( عليهم السلام ) إذا وقع بياناً تبع المبيِّن في وجوبه وندبه وإباحته ، وإنْ فعلوه ابتداءً ( 1 ) فلا حجّة فيه على الأقوى إلاّ أنْ يعلمَ الوجهُ الذي وقع عليه . وأمّا فعلهم المجرّد فإنّه يدلّ على الجواز إنْ كان في الأفعال العُرفيّة ، وعلى الرجحان إنْ كان في العبادات . وأمّا السُنّة التقريريّة : فإنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يقرّرُ على مُنْكَر ، وكذلك الأئمّة المعصومون بعده - صلوات الله عليهم - إلاّ لتقيّة . فما فُعِلَ بحضرتهم أو غيرها ممّا علموا به ولم ينكروه من غير تقيّة ، فإنّه يدلُّ على جوازه .
1 . أي لا بياناً ، فلا حجّة في كونه واجباً أو ندباً أو مباحاً . ( منه ) .