رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليس الخبر كالمعاينة " ( 1 ) . فهذا أكثر ما اتّفق لنا روايته من الأحاديث المسلسلة بالآباء . ( وإن اشترك اثنان عن شيخ وتقدّم موت أحدهما ) على الآخر ( فهو ) النوع المسمّى : ( السابِق واللاحق ) . وأكثر ما وقفنا عليه في عصرنا من ذلك ستّ وثمانون سنة ؛ فإنّ شيخنا المبرور نور الدين عليّ بن عبد العالي الميسيّ والشيخ الفاضل ناصر بن إبراهيم البويهي الأحسائي ، كلاهما يروي عن الشيخ ظهير الدين محمّد بن الحسام ، وبين وفاتيهما ما ذكرناه ؛ لأنّ الشيخ ناصر ( 2 ) البويهي توفّي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ، وشيخنا تُوفّي سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة . وأكثر ما بلغنا قبل ذلك من طرق الجمهور ما بين الراويين في الوفاة مائة وخمسون سنة ؛ فإنّ الحافظ السلَفيّ سمع منه أبو عليّ البَرداني - أحد مشايخه - حديثاً ، ورواه عنه ومات على رأس الخمسمائة ، ثمّ كان آخر أصحاب السلَفيّ بالسماع سبطُه أبو القاسم عبد الرحمان بن مكّي ، وكانت وفاتُه سنة خمسين وستمائة ( 3 ) . وغالب ما يقع من ذلك أنّ المسموعَ منه قد يتأخّر بعد أحد الراويين عنه زماناً حتّى يسمع منه بعضَ الأحداث ، ويعيش بعد السَماع منه دهراً طويلا فيحصل من مجموع ذلك نحو هذه المُدَد . ( والرواة إن اتّفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم فصاعداً ، واختلفت أشخاصهم ) سواءٌ اتّفق في ذلك اثنان منهم أو أكثر ، ( فهو ) النوع الذي يقال له : ( المُتَّفِق والمُفْتَرِق ) أي المتّفقُ في الاسم ، المفترقُ في الشخص . وفائدة معرفته : خشية أنْ يُظَنَّ الشخصان شخصاً واحداً .
1 . رواه السخاوي في فتح المغيث 4 : 192 . 2 . تقدّم منّا أنّ المحدّثين جرت عادتهم على حذف أشياء في الكتابة دون القراءة ، منها ألف المنصوب . 3 . راجع فتح المغيث للسخاوي 4 : 196 ، وتدريب الراوي 2 : 264 .