وأمّا نفيُ البأس عنه فقريبٌ من الخيّر ، لكن لا يدلّ على الثقة ، بل من المشهور أنّ نفي البأس يُوهم البأس . وأمّا ما نُقل عن بعض المحدّثين من أنّه إذا عبَّر به فمرادُه الثقة ( 1 ) ؛ فذاك أمر مخصوصٌ باصطلاحه لا يتعدّاه ، عملا بمدلول اللفظ . وأمّا شيخٌ فإنّه وإنْ أُريد به التقدّم في العلم ورئاسة الحديث لكن لا يدلّ على التوثيق ، فقد تقدّم فيه مَنْ ليس بثقة . ومثله جليل . وأمّا صالح الحديث فإنّ الصلاح أمرٌ إضافيّ : فالموثّق بالنسبة إلى الضعيف صالح ، وإن لم يكن صالحاً بالنسبة إلى الحَسَن والصحيح ؛ وكذا الحَسَن بالإضافة إلى ما فوقَه وما دونَه . وأمّا المشكور فقد يكون الشُكْرانُ على صفات لا تبلُغ حدّ العدالة ، ولا تدخل فيها . وكذا خَيِّرٌ . مع احتمال دلالة هاتين على المطلوب . وأمّا الفاضِل فظاهرٌ عمومُه ؛ لأنّ مرجع الفَضْل إلى العلم ، وهو يُجامع الضعف بكَثْرة . وأمّا الخاصّ فمرجعُ وصفه إلى الدخول مع إمام معيّن أو في مذهب معيّن وشدّةِ التزامه به ، أعمّ من كونه ثقةً في نفسه ، كما يدلّ عليه العرف . وظاهرٌ كون الممدوح أعمَّ ، بل هو إلى وصف الحسن أقربُ . وكذا الوصف بالزهد ، والعلم ، والصلاح ؛ مع احتمال دلالة الصلاح على العدالة وزيادة ، لكن فيه : أنّ الشرطَ مع التعديل ، الضبطُ الذي من جُملته عدم غلبة النسيان ، والصلاح يُجامعه أكثريّاً . وأمّا قريبُ الأمر فليسَ بواصل إلى حدّ المطلوب وإلاّ لما كان قريباً منه ، بل ربما كان قريباً إلى المذهب من غير دخول فيه رأساً .
1 . في حاشية المخطوطة : " قيل لحيي بن معمّر : إنّك تقول : فلان ليس به بأس ، وفلان ضعيف ! قال : إذا قلت : ليس به بأس فهو ثقة [ فتح المغيث للسخاوي 2 : 117 ] . وهذا حكم مختصّ به . ( منه ( رحمه الله ) ) " .