في نهاية الدراية ( 1 ) - لأنّه أدخل قول المعصوم في تعريف الحديث ، والمشهور أنّ نفس القول داخل في السُنّة لا الحديث ، وإنّما حكايته تكون حديثاً كحكاية الفعل والتقرير . وقد عرّفوا السُنّة بأنّها : " طريقة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قولا وفعلا وتقريراً ؛ أصالةً أو نيابةً " . لكنّ صاحب الوجيزة ذهب إلى أنّ السُنّة هي خصوص الفعل والتقرير ، فقال : " وأمّا نفس الفعل والتقرير فيُطلق عليهما اسم السُنّة لا الحديث " . 2 - رأيه في حجّيّة مراسيل ابن أبي عُمير : والأصل في ذلك كلام الشيخ الإمام أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ - رحمه الله تعالى - في العُدَّة ( 2 ) حيث ذكر : " أنّ الطائفة سوّت بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقات الذين عُرفوا بأنّهم لا يروون ولا يُرسلون إلاّ عمّن يوثق به ، وبين ما أسنده غيرهم ؛ ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم " . والشيخ البهائي ( رحمه الله ) قد ردّ على بعض معاصريه الذين قدحوا في ذلك : بأنّ ابن أبي عمير قد يروي أحياناً عن غير الثقة ، فقال : " وروايته - يعني ابن أبي عمير - أحياناً عن غير الثقة لا تقدح في ذلك ؛ لأنّهم ذكروا أنّه لا يُرسل إلاّ عن ثقة ، لا أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة " . وفي هذا الجواب نظر ؛ لأنّ الاستثناء في كلام الشيخ ( رحمه الله ) قد وقع من الرواية والإرسال معاً ، فكيف يقال : إنّهم لم يذكروا أنّ ابن أبي عمير لا يروي إلاّ عن ثقة ؟ ! ولعلّ الذي أوقع شيخنا البهائي ( رحمه الله ) في ذلك قول الإمام الطوسيّ قُبيل ذلك : " فإن كان المرسِل ممّن يُعلم أنّه لا يُرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، فلا ترجيح لخبر غيره عليه " . لكنّ الشيخ ( رحمه الله ) صرّح بعد ذلك بأنّ هؤلاء عُرفوا بأنّهم لا يروون ولا يُرسلون إلاّ عن ثقة . والصواب لزوم اعتبار الأمرين والأخذ بهما معاً ؛ ليتمّ إثبات حجيّة مراسيل
1 . نهاية الدراية في شرح الوجيزة : 9 . 2 . العُدّة في أُصول الفقه 1 : 154 .