أصْلٌ في كيفيّة كتابة الحديث وضبطه قد قدّمنا أنّه كان بعضُ السلف يكرهُ كتابة الأحاديث لخوف التزوير ، وترك الحفظ للاتّكال على الكتابة ، ثمّ بيّنّا أنّ ذلك عَنَتٌ بيّنٌ ، وقدّمنا ما يدلُّ على وجوب كتابتها ، فضلا عن جوازه ( 1 ) . وقد وَقَعَ الإجماعُ على ذلك ، خُصوصاً في زماننا هذا الذي كادت تندرسُ فيه آثارُ أهل البيت ( عليهم السلام ) بل اندرست أكثرُ مَعالمه ، وعُلومه ، وكيفيّات استفادته وإفادته ، وكادت تنقطعُ روايتُه ويجهلُ قدرُه ونفعُه ( 2 ) . نسأل الله العصمة والتوفيق لِما يُحِبُّ ويرضى . فالواجبُ على كاتبه صرفُ الهِمّة إلى ضَبْطه وتحقيقه ؛ شَكْلا ونَقْطاً وتَبْيِيناً لحروفه ، بحيثُ يؤمنُ اللبسُ معه ، ولا سيّما شَكْلُ الملتبس ونَقْطة ؛ فإنّه أهمُّ . وقد رُوّيْنا عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نَصْر ، عن جميل بن دَرّاج قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : " أَعْرِبُوا حديثَنا فإنّا قَوْمٌ فُصَحاءُ " ( 3 ) .
1 . وقد فصّلنا الحديث عن " التدوين " جوازاً ومنعاً ، في دراسة مستوعبة باسم " تدوين السُنّة الشريفة " . 2 . أقول : ورحم الله شيخنا الإمام المؤلّف ، كيفَ لو عاشَ بينَنا ورأى تفريطَ أهله بعلوم أهل البيت فقهاً وحديثاً ، حتّى ما ورد منه في الكتب الأربعة ؟ ! ! ولاحظ بحثنا " العنعنة " . 3 . الكافي 1 : 52 ، كتاب فضل العلم ، باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسّك بالكتب ، ح 13 .