أصْلٌ [ بطلان القياس والاستغناء عنه ] وقد تواتَرَ النقلُ عندنا عن عليّ ( عليه السلام ) وعن الأئمّة المعصومين من أبنائه ، وعن كُبَراء الصحابة : ببُطلان القياس ، وذمّ مُتداوِلِيه ، والتَشْنيع عليهم ، ونحنُ لا نُطوّل كتابنا هذا بنقل ذلك ؛ إذ قد أجمعَ على بطلانه أصحابُنا ، بل قد صار بُطلانه من ضروريّات دين أهل البيت ( عليهم السلام ) . فجميعُ الأحكام يَجِبُ ردُّها إلى الكتاب والسُنّة والإجماع ودليل العقل . وقد حكم العقلُ واستفاض النقلُ أنّ الكتاب والسُنّة لم يشذَّ عنهما شئٌ من أحكام الشرائع وما يحتاجُ الناس إليه أصلا ، بل في بعضها أنّ الكتاب العزيز وحده تَضَمَّنَ جميعَ ذلك ، ولكن لا تبلغُه عقولُنا . فقد رُوّيْنا بطرقنا عن محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيْد ، عن يُونس بن عبد الرحمان ، عن سماعة بن مِهران ، عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) قال : قلتُ : أصلحك الله ، إنّا نجتمعُ فنَتَذاكَرُ ما عندَنا ، فما يردُ علينا شئٌ إلاّ وعندَنا شئٌ مُسَطَّرٌ ، وذلك ممّا أنعمَ اللهُ تعالى به علينا بكم ، ثمّ يردُ علينا الشيءُ الصغيرُ ليس عندنا فيه شئٌ ، فينظُرُ بعضُنا إلى بعض ، وعندَنا ما يشبهُهُ ، فنقيسُ على أحسنه ؟ فقال : " ما لكم والقياس ؟ ! إنّما هَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنْ قبلَكم بالقياس " . ثمّ قال : " إذا جاءَكُم ما تعلمون فقولُوا به ، وإن جاءَكُم ما لا تعلمون فها " - وأهوى بيدِه إلى فِيْهِ . ثمّ قال : " لَعَنَ اللهُ أبا حنيفة ! كان يقول : قال عليٌّ وقلتُ ، وقالت الصحابةُ وقلتُ " . ثمّ قال : " أكنتَ تجلس إليه ؟ " . فقلتُ : لا ، ولكن هذا كلامُهُ . فقلتُ : أصلحك اللهُ ، أتى رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله ) الناسَ بما يكتفون به في عهده ؟ فقال : " نعم ، وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة " .