وأمّا مجهول الحال : فكأكْثر الصحابة الذين لا نَعْلَمُ : خافُوا الله تعالى ورغبُوا في ثوابه فتمسّكوا بأهل بيت النبيّ الذين أَمَرَ اللهُ ورسولُه بالتمسّك بهم ، أم انحرفُوا عنهم وتمسّكُوا بأعدائهم ؛ اتّباعاً لهوى أنفسهم ، ورغبةً في زينة الحياة الدُنيا ، وزُهداً في الله وثوابه ! ؟ فهؤلاء نَكِلُ أمرَهم إلى الله ، فهو أعلمُ بهم ، ولا نسبُّهم ، ونشتغلُ عن الخوض في شأنهم بما هو أهمُّ وأولى لنا في الدنيا والآخرة . وأمّا ما وَرَدَ عندنا وعندهم من الأخبار الدالّة على ارتداد كلّ الصحابة أو ارتدادهم بقول مطلق ، فإنّه يجبُ حملُها على المُبالغة ؛ لأنّ الذين ثَبَتُوا على الاستقامة ولم يحولوا بعد موت الرسول كانوا قليلين جدّاً ، وكثيرٌ منهم رَجَعَ إلى الحقّ بعد أن عانَدَ أو تَزَلْزَلَ أو كان على شُبْهَة . ولو خفي منهم شئٌ لم يَخْفَ مَنْ كان مع عليّ ( عليه السلام ) في حرب الجَمَل وحرب صِفِّين من الأنصار والمهاجرين ، فلقد كانوا أُلوفاً متعدّدة ، بل كانوا أعظمَ عسكره ممّنْ لم يحولوا عنه ، أو رَجَعُوا إليه ممّنْ حَضَرَ قتلَ عثمان أو أَلَّبَ عليه أو رَضِيَ به ، وكثيرٌ منهم قُتِلُوا بينَ يديْهِ حُبّاً له ، ولإظهار الدين ، وقَدِمُوا على الله تعالى شُهَداء مُرمَّلين بدمائهم ؛ لأجل إعلاء كلمة الحقّ من أيدي المُنافقين والكُفّار من أعدائه . فكيف يجترئُ مَنْ يؤمنُ بالله واليوم الآخر ، ويحبّ الله ورسوله ، أن يَسُبَّ كلَّ الصحابة ؟ ! هذا ممّا لا يَتَوَهَّمُه عاقلٌ في شأن مُسْلِم . وبهذا يحصل الجمعُ بينَ ما جاءَ في الكتاب العزيز من مدح الصحابة في قوله تعالى : ( محمّدٌ رَسُولُ اللهِ والذين مَعَهُ أشِدّاءُ على الكُفّارِ ) ( 1 ) ، وبينَ ما جاءَ من النُصوص عندنا وعندهم على ارتداد الصحابة وذمّهم ، والله وليّ التوفيق . تتمةٌ وأمّا فَضْلُ خُلّص أصحاب الرسول بعضهم على بعض ، وفَضْلُ خُلَّص أصْحاب