أصْل [ 4 ] وقبيحٌ بذي العقل أنْ يتركَ أحاديثَ أهل بيت نبيّهِ ودينَهُم - بعدَ ما تلوناهُ من شأنهم ، وهو قليلٌ من كثير ؛ إذْ لسنا هُنا بصَدَد استقصائه - ويأخذَ معالم دينِهِ عن جماعة ظَهَرَ منهم الفسقُ والكُفْرُ ، إمّا بنصٍّ من الله ، أو بنصّ الرسول ، أو شهادة بعضهم على بعض ، إمّا إجمالا أو تفصيلا . ولنذكر من ذلك أُنموذجاً يسيراً يكون عُذْراً لنا في رَفْضهم ، ونقتصرُ من ذلك على ما جاء في القرآن العزيز ، أو رَوَوْهُ هُمْ في صحاحهم ؛ لتكونَ الحجّةُ أوضحَ ، دونَ ما نحنُ تفرَّدْنا بنقله . أمّا الإجمالُ فيكفينا القرآنُ شاهداً ؛ حيث أخبرَ سبحانَه وتعالى بفرارهم من الزَحْف - وهو من أكبر الكبائر - في قوله تعالى : ( وَيَوْمَ حُنَيْن . . . ) ( 1 ) ؛ كانوا أكثرَ من أربعة آلاف رجل ، فلم يتخلّفْ معه إلاّ سبعةُ أنفس : عليّ ، والعبّاس ، والفضل ابنه ، وربيعة وسفيان ابنا الحارث بن عبد المُطّلب ، وأُسامة بن زيد ، وعبيدة بن أُمّ أيمن ، وأسْلَمَهُ الباقون إلى الأعداء والقتل ، ولم يخشوا العارَ ولا النارَ ، وآثَرُوا الحياةَ الدُنيا ، ولم يستحيوا من الله ، ولا من نبيّه وهو يُشاهدهم عياناً . وقد فرّوا من الزَحْف في مواردَ أُخرى كثيرة ، لا تخفى على أهل النقل . وقال الله تعالى : ( وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّواْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ) ( 2 ) ؛ رَوَوْا أنّهم كانوا إذا سَمِعُوا بوصول تجارة تركوا الصلاةَ معه . فإذا كانوا مَعَهُ - وهُوَ بينَ أظهرهم - بهذه المثابة ، كيفَ يُستبعَدُ منهم الفسقُ بل الكفرُ بعده ؛ ميلا إلى هوى أنفسهم في طلب الملك وزهرة الحياة الدنيا ؟ ! وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ
1 . سورة التوبة ( 9 ) : 25 . 2 . سورة الجمعة ( 62 ) : 11 .