تسمّى " الأُصول " في أنواع العلوم . ومنهم عليّ بن موسى الرضا - الذي ألَّفْتُ هذه الرسالةَ وأنا مُتشرّفٌ بحضرته الشريفة وسُدّته المُنيفة - الذي أجمع أولياؤه وأعداؤه على عظم شأنه ، وغزارة علمه . [ ومنهم محمّد بن عليّ الجواد الذي قام بالإمامة بعد أبيه ] ( 1 ) ، وحاول أعداؤُه من بني العبّاس وغيرهم الغَضَّ منه ، لمّا رأوا ميلَ المأمون إليه وحبّه له ، وأرادَ أنْ يجعله وليَّ عهده ، فأحضروا له رؤساءَ العلماء في كلّ الفُنون ؛ فأفْحَمَهُم جميعاً ، وأعجزهم مِراراً شتّى ، فكانوا يخرجون خَجِلينَ مدحورين ، وهُوَ يومئذ صغيرَ السنّ . واعترف المأمون بفضله على كلّ الناس ، فجعله وليَّ عهده ، كما لا يخفى على أهل النقل ( 2 ) . ومنهم محمّد بن الحسن المهدىُّ ، القائم بالحقّ ، فيملأُ الأرضَ عدلا وقسطاً كما ملئتْ جوراً وظلماً ؛ لإخبار النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بذلك . فقد روى ذلك في الجمع بين الصحاح الستّ بستّ طرق ، ألفاظ مُتونها مختلفة ( 3 ) ، ورواه في كتاب المصابيح بأربع طرق ( 4 ) . وبالجملة هُوَ ممّا لا يمتري فيه أحدٌ . وباقي أحوالهم وأحوال باقيهم شهيرةٌ غنيّةٌ عن التعريف ، لو فتحنا فيها باب المقال لطال واتّسع المجال . شعر : والأديبُ اللبيبُ يعرفُ ما ضم * من طيّ الكتاب بالعُنوانِ ولقد عُلِمَ بين كلّ الخلق - من العامّة والخاصّة - أنّه لم يُسألْ أحدٌ منهم قطُّ فتردّدَ ، ولا توقّفَ ، ولا استشكل أحدٌ منهم سؤالا قطُّ ، ولا عوّلَ في جوابه على كتاب ( 5 )
1 . ما بين المعقوفين أضفناه لضرورته ؛ لقول المصنّف بُعَيد هذا : " وهو يومئذ صغير السنّ " ، فلاحظ . 2 . لاحظ الإرشاد للمفيد 2 : 281 . 3 . غاية المرام : 697 عن الجمع بين الصحاح الست ، بسبع طرق . 4 . غاية المرام للبحراني : 698 عن المصابيح . 5 . أي من كتب المؤلّفين التي لم تؤخذ من الوحي ، أمّا كتب الوحي التي توارثوها ، كالقرآن وصحف الأنبياء والأوصياء ، ككتاب علي ( عليه السلام ) ومصحف فاطمة ( عليها السلام ) فهي غير داخلة في العبارة ؛ لأنّها لهم ومنهم ، فلاحظ .