بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله فاتحِ الأغْلاق ، مانحِ الأعْلاق ، مُسْبِغِ العطاء ، مُسْبِلِ الغطاء ، الذي خَلَقَ الإنسان فأجزل عليه الإحسان ، حيثُ أقامَ من نوعه أقْواماً فجعلهم لملّته قِواماً ، وعلى أُمّته قُوّاماً ، ثمّ قَرَنَ طاعتَهم بطاعته ، تفضُّلا بمنّه الغَمْر ، فقال عزّ من قائل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ ) ( 1 ) .ثمّ أوجبَ على مَنْ سِواهم الاهْتداء بمنارِهِمْ ، والاقْتداء بمَبارِّهِمْ ، فاستَنْفَرَ ذوي الهِمَمِ للرُجُوع في الأحْكام إليهم ، والاعْتماد في سُلُوْك طُرُق الإنْذار عليهم ، فقالَ جلَّ ثناؤُه : ( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ ) ( 2 ) .أحْمَدُهُ على مَنّ طَوَّقَهُ ، وأمْن وَفَّقَهُ ، ويُمْن دَفَّقَهُ ، وظَنّ حَقَّقَهُ ، ونِعْمَة أوْلاها ، ونِقْمَة ألْواها ، ورَحْمة والاها .وأشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لهُ ، شهادةَ مَنْ صَدَعَ بالحقّ لِسانُهُ ، ونَزَعَ عن التقليد جِنانُهُ ، شهادةً يَحْظى بها الشاهِدُ ، ويَلْظى بها الجاحِدُ ، ويُرْغَمُ بها المُنافِقُ ، ويُعَظَّمُ بها الخالِقُ .وأُصلّي على سيّدنا محمّد خاتَمِ الأنْبياء ، وحاتَمِ الأسْخياء ، الذي أرْسَلَهُ بكتاب أحْكَمَهُ ، وصواب ألْزَمَهُ ، وغَمَراتُ الشِرْكِ حِيْنَئِذ طافِحةٌ ، وجَمَراتُ الشَكِّ لافِحةٌ ،
1 . سورة النساء ( 4 ) : 59 . 2 . سورة التوبة ( 9 ) : 122 .