( وقيل : هي ) أي الإجازة ( إذْنٌ ) وتسويغٌ ( 1 ) ؛ وهو المعروفُ . وعلى هذا ( فيقول : " أجزتُ له روايةَ كذا " ) كما يقول : " أذنتُ له " و " سوّغت له " . ( وقد يُحذفُ المضافُ ) الذي هو متعلَّق الإذن ، فيقول : " أجزت له مسموعاتي " مثلا من غير ذكرِ " الرواية " ؛ على وجهِ المَجازِ بالحذف . وإذا تقرّر ذلك ، فاعلم أنّ المشهورَ بين العلماء من المحدّثين والأُصوليّين أنّه يجوزُ العمل بها ، بل ادّعى جماعةٌ الإجماعَ عليه ( 2 ) ؛ نظراً إلى شُذوذ المخالفِ . وقيل - وهو يُعزى إلى الشافعي في أحدِ قَولَيه ، وجماعة من أصحابه منهم القاضيان : حسين والماوردي - : لا تجوزُ الروايةُ بها ؛ استناداً إلى أنّ قولَ المحدّث : " أجزتُ لك أن تروي عنّي " في معنى : " أجزتُ لك ما لا يجوز في الشرع " ؛ لأنّه لا يُبيحُ روايةَ ما لم يُسْمع ، فكانَ في قوّةِ : " أجزتُ لك أن تَكذِبَ عليَّ " ( 3 ) . وأُجيبَ : بأنّ الإجازة عُرفاً في قوّة الإخبار بمرويّاته جملةً ، فهو كما لو أخبره تفصيلا ، والإخبار غيرُ متوقّف على التصريح نُطقاً كما في القراءة على الشيخ ، والغرضُ حصولُ الإفهام وهو يتحقّق بالإجازة ( 4 ) . وبأنّ الإجازةَ والروايةَ بالإجازةِ مشروطان بتصحيحِ الخبر من المُخْبر ، بحيث يوجَدُ في أصل صحيح مع بقيّة ما يُعتبر فيها ، لا الرواية عنه مطلقاً سواءٌ عُرِفَ أم لا ، فلا يتحقّق الكذب . ثمّ اختلف المجوّزون في ترجيح السَماع عليها أو العكس على أقوال ، ثالثها الفرقُ بينَ عصرِ السَلَفِ قبلَ جَمع الكُتُب المعتبرةِ التي يُعوَّلُ عليها ويُرجَع إليها ، وبينَ عصر المتأخّرين ( 5 ) .
1 . راجع مقدّمة ابن الصلاح : 111 ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : 105 . 2 . حكاه في تدريب الراوي 2 : 29 عن أبي الوليد الباجي وعياض ؛ وأيضاً السخاوي في فتح المغيث 2 : 218 . 3 . كما في مقدّمة ابن الصلاح : 106 ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : 105 . وراجع أيضاً فتح المغيث 2 : 218 - 221 . 4 . كما في مقدّمة ابن الصلاح : 106 ؛ والخلاصة في أُصول الحديث : 106 . 5 . حكاه عن الطوفي في تدريب الراوي 2 : 31 . وانظر فتح المغيث للسخاوي 2 : 215 - 216 ؛ فإنّه حكى الأقوال مع ذكر قائليها .