وبعضُهم وافَقنا على هذا أيضاً ( 1 ) . والاختلاف في مجرّد الاصطلاح . واعلم أنّ هذه العلّة توجدُ في كتاب التهذيب متناً وإسناداً بكثرة ، والتعرّض إلى تمثيلها يخرج إلى التطويل المنافي لغرض الرسالة . ( الخامس : المُدَلَّس ) - بفتح اللام - واشتقاقه من " الدَلَس " بالتحريك ؛ وهو اختلاط الظلام ، سُمّي بذلك لاشتراكهما في الخفاء ؛ حيثُ إنّ الراويَ لم يصرّح بمَنْ حدّثه ، وأَوْهَمَ سماعه للحديث ممّن لم يُحدِّثه ، كما يَظْهَرُ من قوله : ( وهو ما أُخفيَ عيبُه : إمّا في الإسناد ، وهو أن يرويَ عمّن لقيَه أو عاصرَه ما لم يَسْمعه منه على وجه يُوهم أنّه سمعه منه . ومن حقّه ) أي حقّ المدلِّس وشأنه بحيثُ يصيرُ مُدلِّساً لا كذّاباً ( أنْ لا يقول : " حدّثنا " ولا : " أخبرنا " ، وما أشبهَهما ) ؛ لأنّه كِذْبٌ ، ( بل يقول : " قال فلان " أو : " عن فلان " ، ونحوه ) ك : " حدّث فلان " و " أخبرَ " حتّى يُوهم أنّه أخبره ، والعبارةُ أعمُّ من ذلك فلا يكونُ كاذباً . ( وربّما لم يُسقِط المدلّس شيخه ) الذي أخبرَه ، ولا يُوقع التدليس في ابتداء السَنَد ( لكن أسقَط مِنْ بَعْدِه رجلا ضعيفاً أو صغيرَ السنّ ليُحسِّنَ الحديثَ بذلك ) . وهذان النوعان تدليسٌ في الإسناد . ( وأمّا ) التدليسُ ( في الشيوخ ) لا في نفس الإسناد ، فذلك : ( بأن يَرويَ عن شيخ حديثاً سمعه ) منه ، ولكن لا يُحبُّ معرفةَ ذلك الشيخ لغَرَض من الأغراض ( فيُسمّيه أو يُكنّيه ) باسم أو كُنية غيرَ معروف بهما ، ( أو يَنْسبُه ) إلى بلد أو قبيلة غيرَ معروف بهما ، ( أو يَصِفُه بما لا يُعرفُ به كي لا يُعرفَ . وأمرهُ ) أي أمر القسم الثاني من التدليس ( أخَفُّ ) ضرراً من الأوّل ؛ لأنّ ذلك الشيخَ مَعَ الإغْراب به ، إمّا أن يُعرفَ ، فيترتّب عليه ما يلزمه من ثقة أو ضعف ،
1 . حكاه عن الخطّابي : السيوطي في تدريب الراوي 1 : 64 .