وهذا فنٌّ صَعْبٌ مهمّ ، حتّى أدخلَ بعضُ أهل الحديث فيه ما ليس منه لخفاء معناهُ . ( وطريقُ معرفته : النصُّ ) من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، مثل : " كُنْتُ نهيتُكم عن زيارة القُبور ؛ فزُوروها " ( 1 ) . ( أو نقل الصحابي ) مثل : " كانَ آخرُ الأمرين من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ترك الوضوء ممّا مسّت النار " ( 2 ) . ( أو التاريخُ ) فإنّ المتأخّر منهما يكون ناسخاً للمتقدّم ؛ لما رُوي عن الصحابة : كُنّا نعملُ بالأحدث فالأحدث ( 3 ) . ( أو الإجماع ) كحديث : " قتل شارب الخمر في المرّة الرابعة " ( 4 ) نسخَه الإجماعُ على خلافه حيث لا يتخلّل الحدُّ . والإجماعُ لا ينسخُ بنفسه ، وإنّما يدلُّ على النَسخ . ( وسابع عشرها : الغريبُ لَفْظاً ) ، احترز به عن الغريب المطلق ؛ مَتْناً أو إسناداً ، وقد تقدّم . ( وهو ما اشتمل متنُه على لفظ غامِض بعيد عن الفهم ؛ لقلّة استعماله ) في الشائع من اللغة . ( وهو فَنٌّ مهمّ ) من علوم الحديث ( يجبُ أن يُتَثبّتَ فيه أشدَّ تثبُّت ) ؛ لانتشار اللغة ، وكثرة معاني الألفاظ الغريبة ، فربّما ظهرَ معنىً مناسبٌ للمراد والمقصودُ غيرهُ ممّا لم يَصِلْ إليه .
1 . صحيح مسلم 2 : 672 / 977 كتاب الجنائز باب 36 ؛ سنن ابن ماجة 1 : 501 / 1571 ؛ سنن الترمذي 3 : 370 / 1054 ؛ سنن أبي داود 3 : 218 / 3235 . 2 . سنن أبي داود 1 : 49 / 192 ؛ سنن الترمذي 1 : 119 - 120 / 80 ؛ سنن النسائي 1 : 108 باب ترك الوضوء ممّا غيّرت النار . 3 . في الفقيه والمتفقّه للخطيب البغدادي 1 : 128 عن الزهري : " يقول : يؤخذ بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) " . 4 . سنن أبي داود 4 : 164 - 165 / 4482 - 4485 ؛ سنن ابن ماجة 2 : 859 / 2572 - 2573 ؛ سنن الترمذي 4 : 48 / 1444 .