الأخير ، لكن قد اعتبرهُ جماعةٌ من أئمّة الحديث ، فذكرناه لذلك . وزاد بعضُهم للعُلُوّ معنىً رابعاً ؛ وهو تَقَدُّمُ وفاة الراوي ( 1 ) ، فإنّه أعلى من إسناد آخَر يُساويه في العدد مع تأخُّر وفاة مَنْ هو في طبقته عنه . مثاله : ما نرويه بإسنادنا إلى شيخنا الشهيد ، عن السيّد عميد الدين ، عن العلاّمة جمال الدين ابن المطهّر ؛ فإنّه أعلى ممّا نرويه عن الشهيد ، عن فخر الدين ابن المطهّر ، عن والده جمال الدين ، وإنْ تساوى الإسنادان في العدد ؛ لتقدّم وفاة السيّد عميد الدين على وفاة فخر الدين بنحو خمس عشرة سنة . والكلام في هذا العلوّ كالذي قبله وأضعف . ( وثاني عشرها : الشاذّ ؛ وهو ما رواه ) الراوي ( الثقةُ مخالفاً لما رواه الجمهورُ ) أي الأكثر . سُمّي شاذّاً باعتبار ما قابله ؛ فإنّه مشهورٌ ، ويقالُ للطَرَف الراجِح : المحفوظُ . ( ثمّ إنْ كانَ المخالفُ له ) الراجِحُ ( أحفظ أو أضْبَطَ أو أعدل ) من راوي الشاذّ ( فشاذٌّ مردودٌ ) ؛ لشُذوذه ومرجُوحيّته بفَقْد أحد الأوصاف الثلاثة . ( وإن انعكس ) فكانَ الراوي للشاذّ أحفظَ للحديث أو أضبط له أو أعدل من غيره من رواة مُقابله ، ( فلا ) يُردّ ؛ لأنّ في كلٍّ منهما صفة راجحة وصفة مرجوحة ، فيتعارضان ، فلا ترجيحَ . ( وكذا إنْ كان ) المخالفُ أي راوي الشاذّ ( مثلَه ) أي مثلَ الآخَر في الحفظ والضبط والعدالة ، فلا يُردّ ؛ لأنّ ما معه من الثقة يُوجبُ قبولَه ، ولا رُجحان للآخَر عليه من تلك الجهة . ( ومنهم مَنْ ردّه مطلقاً ) ( 2 ) نظراً إلى شُذوذه ، وقوّة الظنّ بصحّة جانب المشهور . ( ومنهم مَنْ قَبِلَه مطلقاً ) ( 3 ) نظراً إلى كون راويه ثقةً في الجملة .
1 . ذكر ذلك ابن الصلاح في مقدّمته : 159 . 2 . حكاه ابن الصلاح في مقدّمته : 62 عن الحافظ أبي يعلى الخليلي القزويني . 3 . حكاه ابن الصلاح في مقدّمته : 62 عن الحاكم النيسابوري .