( وحادي عشرها : العالي سَنَداً ) ؛ وهو القليلُ الواسطة معَ اتّصاله . ( وطلبُه ) أي طلب عُلُوّ الإسناد ( سُنّةٌ ) عند أكثر السَلَف ، وقد كانوا يَرْحَلُون إلى المشايخ في أقصى البلاد لأجل ذلك ؛ ( فبِعُلوِّهِ ) أي السند ( يَبْعُدُ ) الحديثُ ( عن الخَلَل المتطرّق إلى كلّ راو ) ؛ إذ ما من راو من رجال الإسناد إلاّ والخطأ جائزٌ عليه ، فكلّما كَثُرتْ الوسائِطُ وطالَ السندُ كَثُرتْ مظانُّ التجويز ، وكلّما قَلَّتْ قَلَّتْ . ولكن قد يتّفقُ في النُزول مزيّةٌ ليستْ في العُلُوِّ ؛ كأنْ يكونَ رواتُه أوثقَ أو أحْفَظَ أو أضْبَطَ ، أو الاتّصال فيه أظْهَرَ ؛ للتصريح فيه باللقاء ، واشتمال العالي على ما يحتمله وعدمه ، ك " عن فلان " ، فيكون النزولُ حينئذ أولى . ومنهم مَنْ رجّحَ النزولَ مطلقاً ؛ استناداً إلى أنّ كثرةَ البحث يقتضي المشقّةَ ؛ فيعظمُ الأجْرُ ( 1 ) . وذلك ترجيحٌ بأمر أجنبيّ عمّا يتعلّق بالتصحيح والتضعيف . ( و ) العُلُوّ أقسامٌ : ( أعلاهُ ) وأشرفُه ( قُرْبُ الإسناد من المعصوم ) بالنسبة إلى سَنَد آخرَ يُروى به ذلك الحديثُ بعينه بعدد كثير ، وهو العلوّ المُطْلَقُ ؛ فإن اتَّفقَ مع ذلك أنْ يكونَ سندُه صحيحاً ولم يرجح غيرهُ عليه بما تقدّم ، فهو الغايةُ القُصوى ؛ وإلاّ فصورةُ العلُوّ فيه موجودةٌ ما لم يكن موضوعاً ، فيكون كالمعدوم . ( ثمّ ) بعدَ هذه المرتبة في العُلُوّ : قُرْبُ الإسناد المذكور ( من أحَد أئمّة الحديث ) كالشيخ ، والصدوق ، والكليني ، والحُسين بن سعيد ، وأشكالهم . ( ثمّ ) بعده : ( بِتَقدُّم زمانِ سماع أحدهما ) أي أحد الراويين في الإسنادين ( على ) زمان سماع ( الآخَر ، وإن اتّفقا في العَدد ) الواقع في الإسناد ( أو ) في ( عَدَم الواسطة ) بأنْ كانا قد رَويا عن واحد في زمانين مُختلفين ، ( فأوّلهما ) سماعاً ( أعلى ) من الآخَر ؛ لِقُرْب زمانه من المعصوم بالنسبة إلى الآخَر . والعُلُوّ بهذين المعنيين يُعبّر عنه بالعُلُوّ النِسبي ، وشَرَفُ اعتباره قليلٌ خُصوصاً
1 . قال ابن الصلاح في مقدّمته : 160 : " وحكى ابن خلاّد عن بعض أهل النظر أنّه قال : التنزّل في الإسناد أفضل ، واحتجّ له بما معناه : أنّه يجب الاجتهاد والنظر في تعديل كلّ راو وتخريجه ، فكلّما ازدادوا كان الاجتهاد أكثر ، وكان الأجر أكثر " .