ومن الجزء المذكور أيضا ، بالاسناد عن ابن إسحاق قال : فلما سمعت بذلك قريش ورأوا من أبي طالب الجد ، وأيسوا منه ، أمدوا لبني عبد المطلب الجفاء ، وانطلق بهم أبو طالب ، وقاموا بين أستار الكعبة ، فدعوا الله على ظلم قومهم لهم ، وفي قطيعتهم أرحامهم واجتماعهم على محاربتهم ، وتناولهم سفك دمائهم . فقال أبو طالب : اللهم إن قومنا أبى النصر علينا فعجل نصرنا ، وحل بينهم وبين قتل ابن أخي ، ثم أقبل إلى جمع قريش ، وهم ينظرون إليه وإلى أصحابه . فقال أبو طالب رحمه الله : ندعو رب هذا البيت على القاطع المنتهك للمحارم ، والله لتنهن عن الذي تريدون ، أو لينزل الله بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون ، فأجابوه : إنكم يا بني عبد المطلب ، لا صلح بيننا ، ولا رحم ، إلا على قتل هذا الصبي السفيه . ثم عمد أبو طالب ، فأدخل الشعب ابن أخيه ، وبني أبيه ، ومن اتبعهم : من بين مؤمن دخل لنصر الله ونصر رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن بين مشرك ، فدخلوا شعبهم ، وهو شعب أبي طالب ، في ناحية من مكة . 3 - فلما قدم عمرو بن العاص [1] وعبد الله بن أبي ربيعة [2] ، إلى قريش ، فأخبروهم بالذي قال النجاشي [3] لمحمد صلى الله عليه وآله وأصحاب ، اشتد
[1] عمرو بن العاص : بن وائل السهمي . كان من دهاة العرب وأولي الحزم والمكيدة فيهم أسلم في هدنة الحديبية . ولاه معاوية على مصر سنة ( 38 ) وأطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالا طائلة ، هلك بالقاهرة سنة ( 43 ) . [2] عبد الله بن أبي ربيعة : بن المغيرة المخزومي ، أسلم يوم الفتح - وولاه النبي الجند من اليمن ، ولم يزل واليا عليها حتى قتل عمر ، وكان عمر قد أضاف إليه صنعاء ثم ولاه عثمان أيضا ، فلما حصر عثمان جاء لينصره فسقط عن دابته ومات سنة ( 35 ) . [3] النجاشي : ( بفتح النون وشد الجيم والتخفيف أفصح ) لقب ملك الحبشة ، وكان اسمه أصحمة ( بفتح الهمزة والحاء بينهما الصاد الساكنة ) . وكان عبدا لرجل من بني ضمرة على دين النصرانية فمن الله عليه بالاسلام غائبا ويكتم إيمانه ويبعث إلى النبي التحف والهدايا النفيسة - توفي سنة ( 9 ) من الهجرة النبوية ، ونعاه النبي في اليوم الذي مات فيه .