إلى أمرك . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمصعب بن عمير [1] وكان فتى حدثا ، مترفا بين أبويه ، يكرمانه ، ويفضلانه على أولادهم ، ولم يخرج من مكة ، فلما أسلم ، جفاه أبواه ، وكان مع رسول الله في الشعب حتى تغير وأصابه الجهد ، فأمره رسول الله بالخروج مع أسعد ، وقد كان تعلم من القرآن كثيرا ، فجاء إلى المدينة ، ومعهما مصعب بن عمير ، فقدموا على قومهم ، وأخبروهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وخبره ، فأجاب من كل بطن الرجل والرجلان ، وكان مصعب نازلا على أسعد بن زرارة ، وكان يخرج في كل يوم ، فيطوف على مجالس الخزرج ، يدعوهم إلى الاسلام ، فيجيبه الاحداث . وكان عبد الله بن أبي [2] شريفا في الخزرج ، وقد كان الأوس والخزرج اجتمعت على أن يملكوه عليهم ، لشرفه وسخائه ، وقد كانوا اتخذوا له إكليلا ، احتاجوا في إتمامه إلى واسطة كانوا يطلبونها ، وذلك أنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث [3] ، ولم يعن على الأوس ، وقال : هذا ظلم منكم للأوس ، ولا أعين على الظلم ، فرضيت به الأوس والخزرج . فلما قدم أسعد ، كره عبد الله ما جاء به أسعد وذكوان ، وفتر أمره ، فقال
[1] مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف القرشي من بني عبد الدار . صحابي شجاع ، من السابقين إلى الاسلام ، أسلم في مكة المكرمة ، وكتم إسلامه فعلم به أهله ، فأوثقوه وحبسوه ، فهرب مع من هاجر إلى الحبشة ، ثم رجع إلى مكة ، وهاجر إلى المدينة ، فكان أول من جمع الجمعة فيها ، وعرف فيها بالمقرئ ، وأسلم على يده أسيد بن حضير ، وسعد بن معاذ ، وشهد بدرا ، وحمل اللواء يوم أحد فاستشهد سنة [3] ، وكان في الجاهلية فتى مكة ، شبابا وجمالا ونعمة ، ولما ظهر الاسلام زهد بالنعيم ، وكان يلقب " مصعب الخير " - الاعلام ج 8 / 150 . [2] عبد الله بن أبي : من مالك بن الحارث الخزرجي المشهور بابن سلول ، كان من المنافقين في الاسلام ، أظهر الاسلام بعد وقعة بدر خوفا ، ولما تهيأ النبي صلى الله عليه وآله لوقعة أحد انخزل أبي وكان معه ( 300 ) رجل فقاد بهم إلى المدينة ، هلك في سنة ( 9 ) بالمدينة وما صلى عليه النبي صلى الله عليه وآله . ( 3 ) بعاث ( بضم الباء ) : موضع قريب من المدينة اشتهر بالحرب الذي نشب بين الأوس والخزرج ببضع سنين ، موطن قبيلة بني قريظة .