رسول الله غمامة تظله من الشمس ، فمروا في طريقهم برجل يقال له : بحيرا ، فلما رأى الغمامة تسير معهم نزل من صومعته ، واتخذ لقريش طعاما ، وبعث إليهم يسألهم أن يأتوه ، وقد كانوا نزلوا تحت شجرة ، فبعث إليهم يدعوهم إلى طعامه ، فقالوا له : يا بحيرا والله ما كنا نعهد هذا منك ، قال : قد أحببت أن تأتوني ، فأتوه وخلفوا رسول الله صلى الله عليه وآله في الرحل [1] ، فنظر بحيرا إلى الغمامة قائمة ، فقال لهم : هل بقي منكم أحد لم يأتني ؟ فقالوا : ما بقي منا إلا غلام حدث خلفناه في الرحل ، فقال : لا ينبغي أن يتأخر عن طعامي أحد منكم ، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلما أقبل أقبلت الغمامة ، فلما نظر إليها بحيرا قال : من هذا الغلام ؟ قالوا : ابن هذا ، وأشاروا إلى أبي طالب ، فقال له : بحيرا هذا ابنك ؟ فقال أبو طالب : هذا ابن أخي ، قال ما فعل أبوه ؟ قال : توفي وهو حمل ، فقال بحيرا لأبي طالب : رد هذا الغلام إلى بلاده ، فإنه إن علمت اليهود ما أعلم منه قتلوه ، فإن لهذا شأنا من الشأن ، هذا نبي هذه الأمة ، هذا نبي السيف [2] . 4 - محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري [3] في " قرب الإسناد " [4] عن
[1] الرحل ( بفتح الراء وسكون الحاء ) ما يستصحب من الأثاث في السفر . [2] كمال الدين : 187 ح 35 - وعنه البحار ج 15 / 200 ح 17 . [3] الحميري : محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين أبو جعفر القمي ، كاتب صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وسأله مسائل في أبواب الشريعة وكان حيا في سنة ( 304 ) . فإنه أجاز في تلك السنة أبا عمرو سعيد بن عمران أن يروي عنه كتاب قرب الإسناد . [4] قرب الإسناد : قال شيخنا صاحب الذريعة : قرب الإسناد مجموع من الاخبار وسائطها إلى المعصوم قليلة - وقد كان الاسناد العال عند القدماء مما يشد له الرحال ، ويبتهج به أعين الرجال ، ولذا أفرده بالتصنيف جمع منهم شيخ القميين أبو العباس عبد الله بن جعفر بن الحسين ، سمع منه أهل الكوفة في سنة نيف وتسعين ومائتين ، وقد جمع الأسانيد إلى كل إمام في جزء ، والموجود منها بعض ، وهو قرب الإسناد إلى الصادق عليه السلام وقرب الإسناد إلى الرضا عليه السلام ، وسائر الاجزاء لا عين منها ولا أثر فعلا ، وذكر النجاشي بعض الاجزاء أيضا وهو قرب الإسناد إلى أبي جعفر الجواد عليه السلام ، وقرب الإسناد إلى صاحب الامر عجل الله فرجه ، واختلفوا في مؤلف قرب الإسناد هل هو عبد الله بن جعفر أو ولده محمد بن عبد الله ، صرح النجاشي بالأول وابن إدريس بالثاني .