المسربة [1] ، كأن عنقه إبريق فضة ، يجري في تراقيه [2] الذهب ، له شعر من لبته [3] إلى سرته ، كقضيب خيط إلى السرة ، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره . شثن [4] الكفين والقدمين ، شثن الكعبين ، إذا مشى كأنما يتقلع [5] من الصخر ، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب [6] ، إذا التفت التفت جميعا [7] بأجمعه كله ، ليس بالقصير المتردد [8] ، ولا بالطويل الممغط [9] ، وكان في الوجه تدوير ، إذا كان في الناس غمرهم [10] ، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ ، عرقه أطيب من ريح المسك ، ليس بالعاجز ولا باللئيم . أكرم الناس عشرة ، وألينهم عريكة [11] ، وأجودهم كفا ، من خالطه بمعرفة أحبه ، من رآه بديهة هابه ، عزه [12] بين عينيه ، يقول باغته [13] : لم أر
[1] المسربة ( بفتح الميم وسكون السين المهملة وضم الراء أو فتحها ) : الشعر وسط الصدر إلى البطن . [2] التراقي : جمع الترقوة ( بفتح التاء وضم القاف ) وهو مقدم الحلق في أعلى الصدر . [3] اللبة ( بفتح اللام والباء المشددة ) : المنحر . [4] شثن الكفين : خشن الكفين ، والعرب تمدح الرجال بخشونة الكف والنساء بنعومتها وقال الجزري : شثن الكفين أي أنهما يميلان إلى الغلظ والقصر ، وقيل : هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر ، ويحمد ذلك في الرجال . [5] يتقلع : قال الجزري : أراد قوة مشيه كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا لا كالمختال . [6] الانحدار من صبب والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض ، أراد أنه يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة . [7] قال المجلسي قدس سره : قوله : وإذا التفت التفت جميعا ، قال الجزري : أراد أنه لا يسارق النظر ، وقيل : أراد أنه لا يلوي عنقه يمنة ويسرة إذا نظر إلى الشئ . [8] المتردد : قال الجزري : أي المتناهي في القصر . [9] الممغط ( بضم الميم الأولى وفتح الغين المشددة ) : المتناهي في الطول . [10] غمرهم : قال الجزري : أي كان فوق كل من كان معه . [11] العريكة : الطبيعة ، يقال : لين العريكة أي سلس الخلق . [12] عزه بين عينيه : قال في البحار : أي يظهر العز في وجهه أولا قبل أن يعرف . [13] يقول باغته : أي من رآه بغتة ، وفي المصدر : ناعته أي الذي يصفه صلى الله عليه وآله .