وليس يمر رسول الله صلى الله عليه وآله ببطن من بطون الأنصار إلا قاموا إليه ، يسألونه أن ينزل عليهم فيقول لهم : خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة ، فانطلقت به ورسول الله صلى الله عليه وآله واضع لها زمامها حتى إذا انتهت إلى الموضع الذي ترى ، وأشار بيده إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يصلي عنده بالجنائز ، فوقفت عنده وبركت ووضعت جرانها [1] على الأرض ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وأقبل أبو أيوب مبادرا حتى احتمل رحله ، فأدخله منزله ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام معه حتى بنى له مسجده ، وبنيت له مساكنه ومنزل علي عليه السلام فتحولا إلى منازلهما . فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين عليه السلام : جعلت فداك كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وآله حين أقبل إلى المدينة فأين فارقه ؟ فقال : إن أبا بكر لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي عليه السلام ، فقال له أبو بكر : انهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك ، وهم يستريثون [2] إقبالك إليهم ، فانطلق بنا ولا تقم بنا ههنا تنتظر قدوم علي ، فما أظنه يقدم عليك إلى شهر . فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله كلا ما أسرعه ، ولست أريم [3] حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عز وجل ، وأحب أهل بيتي إلي ، فقد وقاني بنفسه من المشركين ، قال : فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأز ، وداخله من ذلك حسد لعلي عليه السلام ، وكان أول عداوة بدت منه لرسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام ، وأول خلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فانطلق حتى دخل المدينة وتخلف رسول الله صلى الله عليه وآله بقبا ينتظر قدوم علي عليه السلام .