أن لا طاقة لنا بها ، قال : تباعدوا عنها ، فتباعدنا فطرح ذيل بردته [1] على عاتقه ، وجعل كفه تحت الصحفة وشالها إلى منكبه ، وجعل يجري [2] بها كما ينحدر سحاب في [3] صبب [4] فوضع الصحفة بين أيدي المنافقين ، وكشف الغطاء عنها ، والصحفة على حالها لم ينقص منها ، ولا خردلة واحدة ، ببركة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلما نظر المنافقون إلى ذلك قال بعضهم لبعض ، وأقبل الأصاغر على الأكابر وقالوا : لا جزيتم عنا خيرا ، أنتم صددتمونا عن الهدى بعد إذ جاءنا ، تصدونا عن دين محمد ، ولا بيان أوثق مما رأينا ، ولا شرح [5] أوضح مما سمعنا ؟ ! وأنكر الأكابر على الأصاغر ، فقالوا لهم : لا تعجبوا من هذا ، فإن هذا قليل من سحر محمد . فلما سمع النبي مقالتهم حزن حزنا شديدا ، ثم أقبل عليهم فقال : كلوا ، لا أشبع الله بطونكم . فكان الرجل منهم يلتقم اللقمة من الصحفة ويهوي بها إلى فيه ، فيلوكها لوكا شديدا ، يمينا وشمالا ، حتى إذا هم ببلعها خرجت اللقمة من فيه ، كأنها حجر . فلما طال ذلك عليهم ضجوا بالبكاء والنحيب ، وقالوا : يا محمد . قال النبي : يا محمد ! قالوا : يا أبا القاسم . قال النبي : يا أبا القاسم ! قالوا : يا رسول الله . قال النبي : لبيكم . وكان ( صلى الله عليه وآله ) إذا نودي باسمه يا أحمد يا محمد ، أجاب بهما ، وإذا نودي بكنيته ، أجاب بها ، وإذا نودي بالرسالة والنبوة [6] أجاب بالتلبية . فقال النبي : ما الذي تريدون ؟ قالوا : يا محمد ، التوبة التوبة ، ما نعود - يا محمد
[1] في " ع ، م " : فتباعد الناس وطرح النبي ذيله . [2] في " ع ، م " : يخمر . [3] في " ع ، م " : كما يقلع صحاف ينحدر من . [4] الصبب : الموضع المنحدر " النهاية 3 : 3 " . [5] في " ط " : شرع . [6] في " ع ، م " : نودي بالنبوة .