برقه ، ثم يتجهزان ويخرجان إلى سردانية ، ولا يزالان بها إلى الليلة التي يكون فيها أمر قائمنا ( عليه السلام ) . وأما التاجران الخارجان من عانة إلى أنطاكية ، فهما رجلان : يقال لأحدهما مسلم ، وللآخر سليم ، ولهما غلام أعجمي يقال له سلمونة ، يخرجون جميعا في رفقة من التجار ، يريدون أنطاكية ، فلا يزالون يسيرون في طريقهم حتى إذا كان بينهم وبين أنطاكية أميال يسمعون الصوت فينصتون نحوه ، كأنهم لم يعرفوا شيئا غير ما صاروا إليه من أمرهم ذلك الذي دعوا إليه ، ويذهلون عن تجاراتهم ، ويصبح القوم الذين كانوا معهم من رفاقهم ، وقد دخلوا أنطاكية ، فيفقدونهم ، فلا يزالون يطلبونهم ، فيرجعون ويسألون عنهم من يلقون من الناس فلا يقعون لهم على أثر ، ولا يعلمون لهم خبرا ، فيقول القوم بعضهم لبعض : هل تعرفون منازلهم ؟ فيقول بعضهم : نعم . ثم يبيعون ما كان معهم من التجارة ويحملونها إلى أهاليهم . ويقتسمون مواريثهم ، فلا يلبثون بعد ذلك إلا ستة أشهر حتى يوافون إلى أهاليهم على مقدمة القائم ( عليه السلام ) فكأنهم لم يفارقوهم . وأما المستأمنة من المسلمين إلى الروم ، فهم قوم ينالهم أذى شديد من جيرانهم وأهاليهم ومن السلطان ، فلا يزال ذلك بهم حتى أتوا ملك الروم فيقصون عليه قصتهم ، ويخبرونه بما هم فيه من أذى قومهم وأهل ملتهم فيؤمنهم ويعطيهم أرضا من أرض قسطنطينة ، فلا يزالون بها حتى إذا كانت الليلة التي يسرى بهم فيها ، يصبح جيرانهم وأهل الأرض التي كانوا بها قد فقدوهم ، فيسألون عنهم أهل البلاد فلا يحسون لهم أثرا ، ولا يسمعون لهم خبرا ، وحينئذ يخبرون ملك الروم بأمرهم وأنهم قد فقدوا . فيوجه في طلبهم ، ويستقصي آثارهم وأخبارهم ، فلا يعود مخبر لهم بخبر فيغتم طاغية الروم لذلك غما شديدا ، ويطالب جيرانهم بهم ، ويحبسهم ويلزمهم إحضارهم . ويقول : ما قدمتم على قوم آمنتهم وأوليتهم جميلا ؟ ويوعدهم القتل إن لم يأتوا بهم وبخبرهم ، وإلى أين صاروا فلا يزال أهل مملكته في أذية ومطالبة ، ما بين معاقب ومحبوس ومطلوب ، حتى يسمع بما هم فيه راهب قد قرأ الكتب ، فيقول لبعض من يحدثه حديثهم : إنه ما بقي