من قال : * ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) * ( 1 ) لبيك وسعديك ، ها أنا ذا بين يديك المسرف ، وأنت القائل : * ( لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) * ( 2 ) " . ثم نظر يمينا وشمالا بعد هذا الدعاء ، فقال : أتدرون ما كان أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) يقول في سجدة الشكر ؟ قلنا : وما كان يقول ؟ قال : كان ( عليه السلام ) يقول : " يا من لا يزيده إلحاح الملحين إلا كرما وجودا ، يا من لا يزيده كثرة الدعاء إلا سعة وعطاء ، يا من لا تنفد خزائنه ، يا من له خزائن السماوات والأرض ، يا من له ما دق وجل ، لا يمنعك إساءتي من إحسانك ، أن تفعل بي الذي أنت أهله ، فأنت أهل الجود والكرم والتجاوز ، يا رب يا الله لا تفعل بي الذي أنا أهله ، فإني أهل العقوبة ولا حجة لي ولا عذر لي عندك ، أبوء إليك بذنوبي كلها كي تعفو عني ، وأنت أعلم بها مني ، أبوء إليك بكل ذنب أذنبته ، وكك خطيئة احتملتها ، وكل سيئة عملتها ، رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت الأعز الأجل الأكرم " . وقام فدخل الطواف ، فقمنا لقيامه ، وعاد من الغد في ذلك الوقت ، وقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى ، فجلس متوسطا ( 3 ) ، ونظر يمينا وشمالا ، وقال : كان علي ابن الحسين ( عليه السلام ) يقول في سجوده في هذا الموضع - وأشار بيده إلى الحجر تحت الميزاب - : " عبيدك بفنائك ، مسكينك بفنائك ، سائلك بفنائك ، يسألك ما لا يقدر عليه غيرك " . ثم نظر يمينا وشمالا ، ونظر إلى محمد بن القاسم من بيننا ، فقال : يا محمد بن القاسم ، أنت على خير إن شاء الله ( تعالى ) . وكان محمد بن القاسم يقول بهذا الأمر . وقام فدخل الطواف ، فما بقي أحد إلا وقد الهم ما ذكر من الدعاء ، وأنسينا أن نذكره إلا في آخر يوم ، فقال : بعضنا : يا قوم ، أتعرفون هذا ؟
( 1 و 2 ) الزمر 39 : 53 . ( 3 ) في " ط " : مستوطنا .