الله أتى إليه راجعا ، فقال له : يا رسول الله ، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار ، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : فديتك يا علي ، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب . قال : فأقبل علي ( عليه السلام ) وسيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية ، وهي جالسة وجريح معها ، يؤدبها بآداب الملوك ، ويقول لها : أعظمي رسول الله ، وكنيه وأكرميه . ونحو من هذا الكلام . حتى نظر جريح إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهر بيده ، ففزع منه جريح ، وأتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها ، فنزل أمير المؤمنين إلى المشربة ، وكشف الريح عن أثواب جريح ، فانكشف ممسوحا . فقال : انزل يا جريح . فقال : يا أمير المؤمنين ، آمن على نفسي ؟ قال : آمن على نفسك . قال : فنزل جريح ، وأخذ بيده أمير المؤمنين ، وجاء به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأوقفه بين يديه ، وقال له : يا رسول الله ، إن جريحا خادم ممسوح . فولى النبي بوجهه إلى الجدار ، وقال : حل لهما - يا جريح - واكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما ، ويحهما ما أجرأهما على الله وعلى رسوله . فكشف جريح عن أثوابه ، فإذا هو خادم ممسوح كما وصف . فسقطا بين يدي رسول الله وقالا : يا رسول الله ، التوبة ، استغفر لنا فلن نعود . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا تاب الله عليكما ، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟ ! قالا : يا رسول الله ، فإن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا ، وأنزل الله الآية التي فيها : * ( إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) * [1] . قال الرضا علي بن موسى ( عليه السلام ) : الحمد لله الذي جعل في وفي ابني محمد أسوة برسول الله وابنه إبراهيم .