في شهر رمضان ، في العشر الأواخر ، إذ جاءني حبيب الأحوال بكتاب مختوم من أبي الحسن ( عليه السلام ) قدر أربع أصابع ، فقرأته ، فكان في كتابه : " إذا قرأت الكتاب الصغير المختوم ، الذي في جوف كتابك ، فأحرزه حتى أطلبه منك " . قال : فأخذت الكتاب وأدخلته بيت بزي [1] ، فجعلته في جوف صندوق مقفل ، في جوف قمطر [2] مقفل ، وبيت البز مقفل ، ومفاتيح هذه الأقفال في حجرتي ، فإذا كان الليل فهي تحت رأسي ، وليس يدخل بيت بزي أحد غيري . فلما حضر الموسم خرجت إلى مكة ومعي جميع ما كتب لي من حوائجه ، فلما دخلت عليه قال : يا علي ، ما فعل الكتاب الصغير الذي كتبت إليك ، وقلت احتفظ به ؟ قلت : جعلت فداك ، عندي . قال : أين ؟ قلت : في بيت بزي ، قد أحرزته ، والبيت لا يدخله غيري . قال : يا علي ، إذا نظرت إليه أليس تعرفه ؟ قلت : بلى ، والله ، لو كان بين ألف كتاب لأخرجته . فرفع مصلى تحته فأخرجه إلي ، فقال : قلت : إن في البيت صندوق ، في جوف قمطر مقفل ، وفي جوف القمطر حق مقفل ، وهذه المفاتيح معي في حجرتي بالنهار ، وتحت رأسي بالليل ؟ ثم قال : يا علي ، احتفظ به ، فلو تعلم ما فيه لضاق ذرعك . قلت : قد وصفت لك ، فما أغنى إحرازي . قال علي : فرجعت إلى الكوفة والكتاب معي محتفظ به في [3] جبتي . فكان الكتاب مدة حياة علي في جبته ، فلما مات جئت أنا ومحمد [4] ، فلم يكن لنا هم إلا الكتاب ، ففتقنا الجبة موقع الكتاب ، فلم نجده ، فعلمنا بعقولنا أن الكتاب قد صار إليه كما صار في المرة الأولى . [5]
[1] أي ثيابي " لسان العرب - بزز - 5 : 311 " . [2] هو ما تصان فيه الكتب " لسان العرب - قمطر - 5 : 117 " . [3] في " ع ، م " زيادة : يد . [4] هما محمد والحسن ابنا علي بن أبي حمزة ، كما في المناقب . [5] الهداية الكبرى : 267 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 304 " نحوه " ، إثبات الهداة : 5 : 569 / 131 ، مدينة المعاجز : 439 / 41 .