ولد فيها موسى بن جعفر بالأبواء ، فبينا نحن نأكل معه إذ أتاه الرسول : إن حميدة قد أخذها الطلق : فقام فرحا مسرورا ومضى ، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسرا عن ذراعيه ، ضاحكا مستبشرا ، فقلنا : أضحك الله سنك ، وأقر عينك ، ما صنعت حميدة ؟ فقال : وهب الله لي غلاما ، وهو خير أهل زمانه ، ولقد خبرتني أمه عنه بما كنت أعلم به منها . فقلت : جعلت فداك ، وما الذي خبرتك به عنه ؟ فقال : ذكرت أنه لما خرج من أحشائها وقع إلى الأرض رافعا رأسه إلى السماء ، قد اتقى الأرض بيده ، يشهد أن لا إله إلا الله ، فقلت لها : إن ذلك أمارة رسول الله وأمارة الأئمة من بعده . فقلت : جعلت فداك ، وما الإمارة ؟ فقال : العلامة . يا أبا بصير ، إنه لما كان في الليلة التي علق فيها أتاني آت بكأس فيه شربة من الماء ، أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل وأشد [1] ، وأبرد من الثلج ، فسقانيه فشربته ، وأمرني بالجماع ، ففعلت فرحا مسرورا ، وكذلك يفعل بكل واحد منا ، فهو والله صاحبكم . إن نطفة الإمام حين تكون في الرحم أربعين يوما وليلة نصب لها عمود من نور في بطن أمه ، ينظر به مد بصره ، فإذا تمت له أربعة أشهر أتاه ملك يقال له ( الخير ) فكتب على عضده الأيمن * ( وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا ) * [2] الآية . فإذا وضعته أمه اتقى الأرض بيده ، رافعا رأسه إلى السماء ، ويشهد أن لا إلا إلا الله . وينادي مناد من قبل العرش ، من الأفق الأعلى باسمه واسم أبيه : يا فلان بن فلان ، يقول الجليل : أبشر فإنك صفوتي ، وخيرتي من خلقي ، وموضع سري ، وعيبة علمي ، لك ولمن تولاك أوجب [3] رحمتي وأسكنه جنتي ، واحلله جواري ، ثم وعزتي ،
[1] في " ع ، م " : والشهد . [2] الأنعام 6 : 115 . [3] في " ط " : أوجبت .