فقالوا : خذها ولا تخش أن يقطع عليك . فقلت : لأجربن القوم ، فقلت : هاتوها ، وأخذتها في يدي . فلما صرت إلى بعض الطريق قطع علينا ، فما ترك معنا شئ إلا أخذ ، فاستقبلنا غلام أبيض مشرب حمرة ، عليه ذؤابتان ، فقال : عمار ! قطع عليك ؟ قلت : نعم . فقال : اتبعوني معشر القافلة . فتبعناه حتى جاء إلى حي من أحياء العرب ، فصاح بهم : ردوا إلى [1] القوم متاعهم . فلقد رأيتهم يبادرون من الخيم حتى ردوا جميع ما أخذ منا ، لم يدعوا منه شيئا . فقلت عند ذلك : لأسبق الناس إلى المدينة حتى أستمكن من قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فسبقت الناس ، فقمت أصلي عند قبر النبي ، فصليت ثمان ركعات ، وإذا بمناد ينادي : يا عمار ، رددنا عليكم متاعكم ، فلم لا ترد دنانيرنا ؟ فالتفت فلم أر أحدا ، فقلت : هذا عمل الشيطان . ثم قمت أصلي ، فصليت أربع ركعات ، فإذا برجل قد وكزني وأمعض [2] قفاي [3] ، ثم قال : يا عمار ، رددنا عليكم متاعكم ، ولا ترد دنانيرنا ! فالتفت وإذا بالغلام الأبيض المشرب الحمرة ، فقادني كما يقاد البعير ، وما أقدر أن أمتنع عليه حتى أدخلني إلى أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقال : يا أبا الحسن ، معه سبحة مائة دينار . فقلت في نفسي : هؤلاء محدثين ، والله ما سبقني رسول ولا كتاب ، فمن أين علم أن معي مائة دينار ؟ !
[1] في " ع " : على . [2] الوكز : الدفع والضرب والطعن ، وقيل : الوكز بجميع اليد ، أو بالعصا . انظر " لسان العرب - وكز - 5 : 430 " . وأمعضه : أوجعه " أقرب الموارد 2 : 1225 . [3] في " م " : لفقاري .