ويلجأون إليه في كل مأزق ، وأمرهم في ذلك مشتهر ، وقد تكرر قول عمر بن الخطاب : لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن . وقوله : لولا علي لهلك عمر [1] . ولم يكن فضله على عمر بأكثر منه على الآخرين ، وليس عمر بأول من أقر له بفضله ، فقد أقر له الجميع في غير موضع ومناسبة [2] ، وأجمل كل ذلك قول ابن عباس : " والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم ، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر " [3] . ذلك واحد الناس ، فلم تعرف الناس أحدا غيره قال : " سلوني ، فوالله لا تسألوني عن شئ إلا أخبرتكم " [4] . وهكذا كان شأن الأئمة من ولده ( عليهم السلام ) أعلم أهل زمانهم وأرجحهم كفة بلا خلاف ، فقد علموا بدقائق ما كان عند الناس ، وزادوا عليهم بخصائص علمهم الموروث من جدهم المصطفى وأبيهم المرتضى . وقد شاع قول أبي حنيفة في الإمام الصادق ( عليه السلام ) : لم أر أفقه من جعفر بن محمد الصادق ، وإنه لأعلم الناس باختلاف الناس [5] . ولم يكن الإمام الصادق بأعلم من أبيه ( عليهما السلام ) بل علمه علم أبيه ، وعلم الأئمة من بنيه علمه . قال أبو حنيفة : دخلت المدينة ، فرأيت أبا عبد الله الصادق فسلمت عليه ، وخرجت من عنده فرأيت ابنه موسى في دهليز وهو صغير السن ، فقلت له : أين يحدث الغريب إذا كان عندكم وأراد ذلك ؟ فنظر إلي ثم قال : يتجنب شطوط الأنهار ، مساقط الثمار ، وأفنية الدور والطرق النافذة ، والمساجد ، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ويرفع ويضع بعد ذلك حيث شاء . قال : فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني ، وعظم في قلبي ، فقلت له : جعلت