حكمه صادفا ، لقد كان يلتقط أثره ، ويقتفي سيره ، أفتجمعون إلى الظلامة الشنعاء والغلبة الدهياء [1] ، اعتلالا بالكذب على رسول الله ، وإضافة الحيف [2] إليه ؟ ! ولا عجب إن كان ذلك منكم ، وفي حياته ما بغيتم له الغوائل ، وترقبتم به الدوائر ، هذا كتاب الله حكم عدل ، وقائل فصل ، عن بعض أنبيائه إذ قال : * ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) * [3] . وفصل في بريته الميراث مما فرض من حظ الذكارة والإناث ، فلم سولت لكم أنفسكم أمرا ؟ ! فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون [4] . قد زعمت أن النبوة لا تورث ، وإنما يورث ما دونها ، فما لي امنع إرث أبي ؟ أأنزل الله في كتابه : إلا فاطمة بنت محمد ؟ فدلني عليه أقنع به " . فقال لها أبو بكر : يا بنت رسول الله ، أنت عين الحجة ، ومنطق الحكمة ، لا أدلي بجوابك ، ولا أدفعك عن صوابك ، ولكن المسلمون بيني وبينك ، هم قلدوني ما تقلدت ، وأتوني ما أخذت وتركت . قال : فقالت فاطمة ( عليها السلام ) لمن بحضرته : " أيها الناس ، أتجتمعون إلى المقبل بالباطل والفعل الخاسر ؟ ! لبئس ما اعتاض المبطلون [5] ، وما يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ، أما والله لتجدن محملها ثقيلا ، وعبأها وبيلا ، إذا كشف لكم الغطاء ، فحينئذ لات حين مناص ، وبدا لكم من الله ما كنتم تحذرون " . قال : ولم يكن عمر حاضرا ، فكتب لها أبو بكر إلى عامله برد فدك كتابا ، فأخرجته في يدها ، فاستقبلها عمر ، فأخذه منها وتفل فيه ومزقه ، وقال : لقد خرف ابن أبي قحافة ، وظلم . فقالت له : " مالك ؟ لا أمهلك الله ، وقتلك ، ومزق بطنك " . وأتت من فورها ذلك
[1] الدهياء : تعظيم الداهية : الأمر المنكر العظيم " لسان العرب - دها - 14 : 275 " . [2] في " ع " : الخرف ، وفي " م " : الخوف . [3] مريم 19 : 6 . [4] تضمين من سورة يوسف 12 : 18 . [5] في " ط " : المسلمون .