المختلفة ، فإن ذلك أحرى أن يهديه إلى وجهة الحق وسنة الصواب ، فإذا ما استغلق الامر واشتبه عليه فلا يجوز له أن يلفق للقضية حكما من عند نفسه ، وإنما عليه أن يقف حتى ينكشف له ما غمض عنه ، وينجلي له ما اشتبه عليه . هذه الصفات يجب أن تتوفر في القاضي ، ويجب أن يناط اختيار الرجل لمنصب القضاء بما إذا توفرت فيه ، وبذلك يضمن الحاكم ألا يشغل منصب القضاء إلا الأكفاء في عملهم ، ودينهم ، وبصرهم بالأمور . قال عليه السلام : ( ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك : ممن لا تضيق به الأمور ، ولا تمحكه الخصوم ، ولا يتمادى في الزلة ، ولا يحصر من الفئ إلى الحق إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ، وأوقفهم في الشبهات ، وآخذهم بالحجج ، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصوم ، وأصبرهم على تكشف الأمور ، وأصرمهم عند اتضاح الحكم ، ممن لا يزدهيه إطراء ، ولا يستميله إغراء ) . عهد الأشتر * * * وهنا ، كما في كل موطن ، يضع الامام بين عينيه التأمين الاقتصادي ليضمن الاستقامة والعدل وحسن السيرة . فالقاضي مهما كان من سمو الخلق ، وعلو النفس ، وطهارة الضمير ، إنسان من الناس يجوز عليه أن يطمع في المزيد من المال ، والمزيد من الرفاهية ، وإذا جاز عليه هذا جاز عليه أن ينحرف في ساعة من ساعات الضعف الانساني ، فتدفعه الحاجة إلى قبول الرشوة ، ويدفعه العدم إلى الضعف أمام الاغراء ، وإذا جاز عليه ذلك أصبحت حقوق الناس في خطر ، فلا سبيل للمظلوم إلى