بمثلهم العليا ، فإن الحاجة تدفع إلى الاجرام أو الانحراف . ولا بد له من تتبع مآثرهم والإشادة بها ، ومدحهم ، والثناء عليهم بما أبلوا من بلاء حسن ، وأتوا من فعل عظيم . فأما حين تغفل عنهم عينه : فلا يتفقد أحوالهم ، ولا يوليهم منه جانب اللين والرأفة - حين يجدون هذا منه يشعرون بأن أعمالهم لا تجد ثوابها وان جهدهم يذهب أدراج الرياح ، ويعظم في أعينهم الصغير ويصغر العظيم ، وتنعدم ثقتهم بالحاكم ، ويذهب وده من قلوبهم ، فلا يمحضونه النصح ، ولا يخدمونه بصدق ، لأنهم لا يجدون في أنفسهم ما يدفعهم إلى خدمته وهو متخاذل عنهم مقصر معهم ، ويدفعهم هذا الموقف النفسي إلى استثقال دولته ، واستطالة مدته ، والتبرم بحكمه ، فماذا يمنعهم ، وهذا موقفهم منه ، عن أن ينتقضوا عليه ويكيدوا له ويواجهوه بما لو أحسن السياسة لاتقاه . قال عليه السلام : ( ثم تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما ، ولا يتفاقمن في نفسك شئ قويتهم به . ولا تحقرن لطفا تعاهدتهم به ، وإن قل ، فإنه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك وحسن الظن بك . ( ولا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسيمها فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به ، وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه . . فان عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك . ( وان أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد ، وظهور مودة الرعية ، وانه لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم ، ولا تصح نصيحتهم إلا