responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسات في نهج البلاغة نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 37


ضمير . وعندئذ تغدو الفضيلة ضلا لا أثر له في صيانة المجتمع من أخطار التفاوت الطبقي .
لذلك لم يكل أمر تحقيق القيمة العليا إلى الانسان وحده ، وإنما جعل لها سندا من القانون ، ليكون لها من القوة ما يحمل الأغنياء الأقوياء ، وغير الأغنياء على التمسك بها . وكان من ذلك أن ساوى بين جميع الطبقات في الحقوق والواجبات ، فالجميع سواء أمام الله ، والجميع سواء أمام القانون ، وجريمة الغني هي جريمة الفقير ، وجريمة الرفيع هي جريمة الصعلوك ، لا يمتهن هؤلاء لضعفهم ولا يحابى أولئك لشرفهم .
وبهذا حال بين الطبقات العليا وبين أن تطغى وتعتز ، لأنه أثبت لها أن الغنى والسلالة والماضي العريق لن تجدي شيئا أمام القانون . وحال بين الطبقات السفلى وبين أن تشعر بالحيف والضعة والاستغلال ، لأنه أثبت لها أن عدم الغنى وأن ضعة النسب لا تجعل من القانون لها عدوا ، وإنما هي أدعى لان تجعله أرفق بها ، وأحنى عليها ، وأرعى لشؤونها في السراء والضراء .
* * * وحين تحتد الفروق الاقتصادية ، فتتسع وتعمق ، تغيض منابع الفضيلة من المجتمع وتسوده نوازع الحيوان .
فأنت لا تستطيع أن تطلب من جائع لا يجد القوت أن يصير فاضلا ، لان الحرمان لا يدفع إلى الفضيلة وإنما يخلق تصورات الحرمان التي تدفع إلى التمرد والاجرام حين لا يجد المحروم اليد البارة الوصول .
إن الجائع الذي لا يجد ما يسد جوعته وإن خشن وهان ، والعاري الذي يجد للريح مثل لسع السياط ، وللشمس مثل مس الحميم ، والمريض الذي لا يجد ثمن الدواء ولا الخلاص من اللاواء - هؤلاء لا يستطيعون أن يتغنوا بالفضيلة حين يرون الغني الكاسي الصحيح الذي لا يعرف معنى للجوع ، فالفضيلة ليست

37

نام کتاب : دراسات في نهج البلاغة نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست