وبهذا التفسير وحده نستطيع ان نلائم بين علم الإمام الواسع بالمغيبات الذي يسنده إلى الرسول وبين الظرف الزماني الضيق نسبيا الذي جمع بينه وبين الرسول ، وليس هذا التفسير اعتباطيا فلدينا عليه شاهد مقبول . وهذا الشاهد الذي نعني هو ان النبي صلى الله عليه وآله خلى بالامام فأدخله في ثوبه وناجاه في اللحظات القليلة الأخيرة التي قبض بعدها ، فلما فرغ من نجواه خرج الامام من عنده فسأله الناس عما أفضى به إليه فقال : ( علمني ألف باب ينفتح لي من كل باب ألف باب ) . فمهما كانت اللحظات التي خلا بها النبي مع الامام كثيرة لا نستطيع أن نتصور كيف أفضى إليه فيها بألف باب من العلم على نحو التفصيل ، لأنها مهما طال مداها لا تتسع للافضاء ببعض هذا العدد الكبير ، فلابد من القول بأنه أفضى إليه بهذه الألف باب على نحو الاجمال وذلك بإعطاء الظوابط الكبرى التي تشمل كثيرا من الأبواب . ولعل قوله : ( ينفتح لي من كل باب ألف باب ) أبلغ دلالة على ما نقول من أنه علمه على نحو الاجمال لاعلى نحو التفصيل ، وأنه اتكل في معرفة الجزئيات والتفاصيل إلى ما يتمتع به الامام من مواهب تسعفه في معرفة ما غاب وتهديه إلى شريعة الصواب . * * * قلنا إن إخباراته التي ذكرها الشريف تجئ على أقسام ، منها إخباره بما يلم بالبصرة من الخطوب . فأخبر بعد فراغه من أصحاب الجمل ، عن غرق البصرة كلها بقوله :