نام کتاب : دراسات في الحديث والمحدثين نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 208
الله هل يرى : ولقد وقف شعري مما قلت ، من حدثك ان محمدا رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار ، وهو اللطيف الخبير " " وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب " ومن حدثك انه يعلم ما في غد فقد كذب ، ثم قرأت : " ما تدري نفس ماذا تكسب غدا " ومن حدثك بأنه قد كتم شيئا مما أوحي إليه فقد كذب [1] . هذه الرواية تتنافى مع المرويات التي تنص على أنه يرى كما يرى القمر ليلة تمامه والشمس ساعة تنجلي عنها السحب والغيوم ، ولا بد من تكذيب إحدى الطائفتين ، ولا شك إذ رواية السيدة عائشة تتفق مع الكتاب ويؤيدها العقل فهي أولى بالقبول والاعتبار ، ومروياتها أقرب إلى الواقع من مرويات أبي هريرة ، ولو قال قائل ان تلك المرويات مستوحاة من كتاب الله تعالى حيث جاء في بعض آياته ما يشير إلى أن له وجها ويدا ورجلا ، وانه يجلس على عرشه وغير ذلك ، قلنا في جوابه ان القرآن يفسر بعضه بعضا ولا بد من ملاحظة سياق الآية وأسباب نزولها ، وضم أولها إلى آخرها وبالإضافة إلى ذلك لا بد من تحكيم العقل عندما يصطدم به الظاهر منها ، لا سيما بعد أن كان القرآن يتحمل أكثر من معنى واحد ، وكل واحد من المعاني إذا كان مقبولا تتحمله الآيات بمجموعا ومفرداتها ، ومما لا شك فيه ان تفسير اليد بالقوة ، والوجه بالقدرة ، والاستواء بالاستيلاء ، ومجئ الرب بمجئ أوامره ونواهيه هو المتعين من تلك للآيات ، ويتناسب مع الأسلوب القرآني وبلاغته ، وفي نفس الوقت يندفع محذور التجسيم والتشبيه الذي يلازم الاخذ بظواهر تلك المفردات . ولعل الذي دعا المحدث الجليل محمد بن إسماعيل إلى تدوين هذه المرويات في جامعه ، ان رواتها من الصحابة والصحابة لا ينطقون عن الهوى لأنهم فرق الشبهات والأهواء كما زعم الجمهور من أهل السنة .