نام کتاب : دراسات في الحديث والمحدثين نویسنده : هاشم معروف الحسني جلد : 1 صفحه : 176
يجد بدا ، من التسائل ، بل وحتى من اتهامه بالتعصب ضد الشيعة كما ذكرنا . ولو افترضنا ان له عذرا بالنسبة لاهماله لرواة الشيعة ومحدثيهم فهل يستطيع أحد ان يجد له عذرا مقبولا يجعله في حل من تجاهله للإمام الصادق والأئمة الهداة من ذرية الرسول ( ع ) الذين كانوا يروون عنه وعن جدهم علي ( ع ) وكانوا على صلة بآراء جميع الفقهاء والمحدثين على اختلاف مذاهبهم ونزعاتهم . ومنهم محمد بن شهاب الزهري أحد علماء التابعين ، المتوفى سنة 122 ، وكانت صلاته بقصور الأمويين من أوثق الصلاة ، وتولى لهم القضاء فأفاضوا عليه من عطائهم وهباتهم ، كما تؤكد ذلك المصادر التاريخية . ومن المعلوم ان الحكام وبخاصة الأمويين منهم كانوا أبعد عن الدين وأهله من غيرهم ، ولم يقربوا من العلماء الا من كان يؤيد تصرفاتهم ، ويمنحهم صفات الخلفاء الشرعيين لرسول الله ( ص ) . وجاء في تاريخ اليعقوبي ، ان عبد الملك بن مروان لما منع الناس من الحج إلى مكة يوم كان ابن الزبير مسيطرا على الحجاز ، ضج الناس من منعهم عن أداء فريضة الحج ، فاستنجد عبد الملك بالزهري لكي يجعل له مخرجا من تلك الأزمة ، فوضع له حديثا عن الرسول ( ص ) ينص على أنه قال : لا تشد الرحا ل الا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد بيت المقدس ، وان الصخرة التي وضع رسول الله قدمه عليها تقوم مقام الكعبة فبنى عبد الملك على الصخرة قبة وعلق عليها ستور الديباج ، وأقام لها سدنة واخذ الناس ان يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة نكاية بأخصامه السياسيين [1] .