نام کتاب : تصحيح اعتقادات الإمامية نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 49
يرض ، وشاء - عز اسمه - ألا يكون شئ إلا بعلمه وأراد مثل ذلك [1] . قال الشيخ المفيد - رحمه الله - : الذي ذكره الشيخ أبو جعفر - رحمه الله - في هذا الباب لا يتحصل ، ومعانيه تختلف وتتناقض ، والسبب في ذلك أنه عمل على ظواهر الأحاديث المختلفة ولم يكن ممن يرى النظر فيميز بين الحق منها والباطل ويعمل على ما يوجب الحجة ، ومن عول في مذهبه على الأقاويل المختلفة وتقليد الرواة كانت حاله في الضعف ما وصفناه [2] . والحق في ذلك : أن الله تعالى لا يريد
[1] الكافي 1 : 151 / 5 ، التوحيد : 339 / 9 . [2] ذهبت أنظار العلماء مذاهب شتى في الإرادة والمشيئة المذكورتين في بعض الآيات ، فمن قائل إن الإرادة أزلية وعين ذاته سبحانه ومتعلقاتها حوادث تتجدد بتجدد العلاقات الوقتية ، فالمشرك بالله اليوم لم تتعلق بهدايته إرادة الله في الأزل بخلاف المؤمن الذي قد تعلقت بهدايته الإرادة الأزلية . وقائل آخر إن الإرادات الربانية تتجدد بتجدد الكائنات والحادثات ، أو أن إرادته ( بالأحرى ) هي الخلق ما ظهر منه وما بطن ، وما قبح منه أو حسن ، وثالث في القوم يرى الإرادة والمشيئة عبارتين عن الداعي إلى الفعل أو الداعي إلى تركه ، ولا يكون الداعي الإلهي إلا حسنا وصالحا فيريد اليسر ولا يريد العسر ويشاء الإيمان ولا يشاء الكفر ، ورابع فيهم لا يرى الإرادة والمشيئة شيئا سوى العلم بالمصلحة أو العلم بالمفسدة ، غاية الأمر . مصلحة خاصة ومفسدة مخصوصة ، وقد فصلت أقوالهم وأدلتهم في الكتب الكلامية ، وما خلافهم هذا إلا فرعا من اختلافهم في أصل الإرادة الإلهية . وجدير بالمرء أن يقنع في هذه الورطة باعتقاد : أن الله سبحانه مريد فقط ولا يريد شيئا من السيئات والقبائح قط ، دون أن يتعمق في كنه الإرادة والمشيئة ، هذا ما يقتضيه العقل والعدل وتقضي به ظواهر الكتاب والسنة ، فكلما صادفته آية أو رواية مخالفة لهذا الاعتقاد لجأ إلى تأويلها تأويلا مناسبا لأصول البلاغة واللغة ومتفقا مع المذهب ، وخير كتاب يسكن النفس ويروي الغليل في هذا المقام كتاب ( متشابه القرآن ومختلفه ) للعالم الثقة محمد بن شهرآشوب السروي - روح الله روحه . وقال العلامة الإمام حجة العلم والدين السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي - مد ظله - في رسالته النفيسة ( إلى المجمع العلمي العربي بدمشق - ص 50 - 52 ط صيدا ) ما نصه : وكفى في فضل ابن شهرآشوب إذعان الفحول من أعلام أهل السنة له بجلالة القدر وعلو المنزلة ، وقد ترجمه الشيخ صلاح الدين الصفدي خليل بن أيبك الشافعي ، فذكر أنه حفظ أكثر القرآن وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في أصول الشيعة ، ( قال ) : وكان يرحل إليه من البلاد ، ثم تقدم في علم القرآن والغريب والنحو ووعظ على المنبر أيام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه ، وقال : وكان بهي المنظر حسن الوجه والشيبة ، صدوق اللهجة ، مليح المحاورة ، واسع العلم ، كثير الخشوع والعبادة والتهجد ، لا يكون إلا على وضوء ( قال ) : وأثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناءا كثيرا ، توفي سنة 588 . وذكره الفيروزآبادي في محكي بلغته ، وأثنى عليه بما يقرب من ثناء الصفدي ، وذكر أنه عاش مائة سنة إلا عشرة أشهر . وعن بعض أهل المعاجم في التراجم من أهل السنة أنه قال في ترجمته : وكان إمام عصره ، ووحيد دهره ، أحسن الجمع والتأليف ، وغلب عليه علم القرآن والحديث ، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه وتعليقات الحديث ورجاله ومراسيله ، ومتفقه ومتفرقه إلى غير ذلك من أنواعه ، واسع العلم ، كثير الفنون ، مات في شعبان سنة 588 ه . چ .
49
نام کتاب : تصحيح اعتقادات الإمامية نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 49