نام کتاب : أوائل المقالات نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 216
ولما كانت الشيعة تختلف عن الطوائف المخالفة لها في قسم مهم من الاعتقادات في أصول الدين وفي كثير من العمليات الفقهية ، وتستجلب المخالفة - بالطبع - رقابة وحزازة في النفوس ، وقد يجر إلى اضطهاد أقوى الحزبين لأضعفه ، أو إخراج الأعز منهما الأذل كما يتلوه علينا التاريخ وتصدقه التجارب ، لذلك أضحت شيعة الأئمة من آل البيت تضطر في أكثر الأحيان إلى كتمان ما تختص به من عادة أو عقيدة أو فتوى أو كتاب أو غير ذلك ، تبتغي بهذا الكتمان صيانة النفس والنفيس والمحافظة على الوداد والأخوة مع سائر إخوانهم المسلمين ، لئلا تنشق عصا الطاعة ولكي لا يحس الكفار بوجود اختلاف ما في الجامعة الإسلامية فيوسعوا الخلاف بين الأمة المحمدية . لهذه الغايات النزيهة كانت الشيعة تستعمل التقية وتحافظ على وفاقها في الظواهر مع الطوائف الأخرى متبعة في ذلك سيرة الأئمة من آل محمد - عليهم السلام - و أحكامهم الصارمة حول وجوب التقية من قبيل : ( التقية ديني ودين آبائي ) و ( من لا تقية له لا دين له ) إذ أن دين الله يمشي على سنة التقية لمسلوبي الحرية ، ودلت على ذلك آيات من القرآن العظيم منها : في سورة المؤمن 28 : ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ) ، وفي سورة النحل 106 : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ، لا سيما على ما نختاره من كون ( من ) في قوله : ( من كفر ) أداة استفهام وأن المعنى : ( من ذا الذي كفر بالحق بعد علمه به ) ؟ إلا إذا كان كفره صوريا ممن يكرهون على إظهار الكفر وقلوبهم مطمئنة بالإيمان ، كعمار ابن ياسر الصحابي الذي نزلت الآية فيه ، غير أن التقية لها شروط وأحكام أوضحها العلماء في كتبهم الفقهية . انتهى . انظر رسالة ( أجوبة مسائل جار الله ) ص 68 - 76 طبع صيدا ، بقلم العلامة الكبير والمحقق الخبير السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي - حفظه الله علما للعلم
216
نام کتاب : أوائل المقالات نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 216