فالكتاب الذي وجهه عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد مع شمر بن ذي الجوشن يتضمن أمره لعمر بأن يدعو الحسين وأصحابه إلى الاستسلام ، فأن أبوا : ( فازحف إليهم حتى تقتلهم ، وتمثل بهم ، فإنهم لذلك مستحقون ، فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنه عاق مشاق ، قاطع ظلوم ، وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ، ولكن علي قول : لو قد قتلته فعلت به هذا . . . ) [1] . فالكتاب يتضمن الامر بالتمثيل ، ويتضمن الامر برض صدر الحسين وظهره بحوافر الخيل . وقد نفذ الأمر الثاني بدقة بناء على أوامره مباشرة وصريحة من عمر بن سعد ، وقام بالمهمة البشعة عشرة رجال سمى الطبري منهم رجلين حضرميين [2] . وأما التمثيل بالقتلى ، فهل المقصود به قطع الرؤوس ؟ إذا كان ذلك فقد نفذ أيضا ، ولكنه لم ينفذ بدقة ، فلم تقطع رؤوس الجميع ، إلا أننا نشك في أن المراد بالتمثيل قطع الرؤوس ، ونرجح أن هذا الاجراء قد نفذ استنادا إلى أمر لم تصل إلينا صورة عنه . هل هو إجراء إنتقامي ؟ لا نشك في أنه إجراء إنتقامي بعث عليه
[1] الطبري : 5 / 415 . [2] الطبري : 5 / 454 - 455 ، والرجلان هما ( إسحاق بن حياة الحضرمي - وهو الذي سلب قميص الحسين - فبرص بعد - وأحبش بن مرثد بن علقمة بن سلامة الحضرمي . . . ) وبقية العشرة هم : ( هاني بن ثبيت الحضرمي ، وسالم بن خيثمة الجعفي ، وصالح بن وهب الجعفي ، وحكيم بن الطفيل السنبسي الطائي ) وهؤلاء الستة من اليمن ، من عرب الجنوب ( وعمرو بن صبيح الصيداوي الأسدي ، ورجاء بن منقذ العبدي ) وهذان من عرب الشمال ( وواخط بن غانم وأسيد بن مالك ) وهذا إن لم نعرف انتماءهما القبلي - ونلاحظ غلبة العنصر اليمني في هؤلاء الرجال .