أن هذا الاستنتاج لا صحة له على الاطلاق ، ومن المؤكد أن عرب الشمال كانوا يكونون من جمهور الثورة عنصرا كبيرا ، وإن كنا لا نستطيع أن نجد في الثورة ظاهرة ( مضرية ) أو ظاهرة ( عدنانية ) ، بل نلاحظ أن بعض النصوص يشير إلى دور بارز قامت به بعض عناصر عرب الشمال ، وهم القيسيون ، في مساندة السلطة لقمع الثورة الحسينية . نذكر في هذا المجال بما تقدم من أن القوة التي قبضت على مسلم بن عقيل كانت من قيس [1] . وثمة نص شعري عظيم القيمة يضئ الموقف القبلي ، فهو يبين أن قيسا هي الغريم الأكبر مسؤولية في قتل الحسين : قال سليمان بن قته المحاربي التابعي [2] من جملة شعر له في رثاء الحسين : وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقاب المسلمين فذلت وعند غني قطرة من دمائنا سنجزيهم يوما بها حيث حلت إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها * وتقتلنا قيس إذا النعل زلت [3]
[1] الطبري : 5 / 373 ، وجاء في النص ( . . . وإنما كره ( ابن زياد ) أن يبعث معه ( مع ابن الأشعث ) قومه ( كنده ) لأنه قد علم أن كل قوم يكرهون أن يصادف فيهم مثل ابن عقيل ) وهذا الاستنتاج من أبي مخنف يجعل اختيار الجنود من قيس ناشئا من عوامل إدارية محضة . ونلاحظ أن شمر بن ذي الجوشن أحد أبرز رجال الأمويين في كربلاء - كان قيسيا . [2] سليمان بن قته المحاربي من التابعين ، مولى ل ( تيم قريش ) ، المعارف - لابن قتيبة : 487 - ومحارب قبيلة من فهر بن مالك بن النضر بن كنانة الذي تنتسب إليه قبائل قريش كلها . ومن فهر : الضحاك بن قيس الفهري ، زعيم القيسية في معركة مرج راهط ضد اليمنية بزعامة مروان بن الحكم في الصراع على الخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية وانتهت المعركة بهزيمة القيسية ، التي بايعت عبد الله بن الزبير بعد ذلك ، ومقتل الضحاك بن قيس الفهري . [3] المبرد ( أبو العباس محمد بن يزيد ) : الكامل - تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاتة - مطبعة نهضة مصر ( غير مؤرخة ) 1 / 223 .