بدايات وعيهم لواقعهم السئ بالنسبة إلى ما يضمنه لهم الاسلام من مركز كريم مساو لمركز الانسان العربي في الدولة الاسلامية ، كما كانوا في بدايات وعيهم لقدرتهم إذا أتيحت لهم قيادة تترجم آلامهم ومطامحهم إلى أفعال . وقد أنضجت ثورة الحسين وعيهم لواقع حياتهم ولحقوقهم بحكم كونهم مسلمين ، كما أنضجت وعيهم لذاتهم باعتبارهم قوة كبرى في المجتمع الاسلامي قادرة على التغيير . وقد انطلقت ثورة المختار بن أبي عبيد الثقفي ، فشهد المجتمع الاسلامي العربي من خلالها قوة الموالي الجديدة تحارب بعنف من أجل المبادئ النبيلة التي تؤمن بها القيادة الحاكمة على مستوى الشعارات ، ولا تأبه لها عند الممارسة اليومية لشؤون الحكم . وقد حاول المختار مخلصا تطبيق الصيغة الاسلامية للمساواة بين العرب والموالي - وكان ذلك في صالحه - ولكنه فشل بسبب تعصب زعماء القبائل وقصر نظرهم فاضطر المختار إلى الاعتماد على الموالي مع قلة من العرب الواعين . ومع أن هذا الانشطار الذي حل بجمهور الثورة في العراق بين المسلمين العرب والمسلمين غير العرب قد هيأ الفرص أمام ابن الزبير للقضاء على الثورة ، إلا أنه منذ ذلك الحين بدا التغيير العميق الواسع النطاق الذي بلغ ذروة تعاظمه في استيلاء العباسيين على الخلافة الاسلامية