responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنصار الحسين ( ع ) نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 186


( ويلكم يا حمقاء ، مهلا ، أتدرون من تقاتلون ؟ إنما تقاتلون فرسان المصر ، وأهل البصائر ، وقوما مستميتين . . ) [1] .
إن ( فرسان المصر ) في مجتمع محارب ، وهو ما كأنه المجتمع العربي الاسلامي في ذلك الحين ، تعبير يعني الشخصيات البارزة في المجتمع ، فقد كان التفوق في الحقل العسكري أحد أفضل السبل لتبوء مركز اجتماعي مرموق يبعث على الاحترام ، بل لقد كانت هذه الصفة خليقة بأن تجعل الناس يغضون النظر عما قد يكون في الرجل من خلال معيبة في نظر المجتمع [2] و ( أهل البصائر ) [3] تعبير يعنى به الواعون الذين يتخذون مواقفهم



[1] الطبري : 5 / 435 .
[2] إن التفوق في الحقل العسكري كان خليقا بأن يبعث على تجاوز النظرة المتحيزة ضد صفة العجمة عند الموالي ، وأن يبعث على احترام المولى وتقديره ، لاحظ الكامل : 3 / 316 - 317 .
[3] من المؤكد أن هذا التعبير مصطلح ثقافي إسلامي يعني : الفئة الواعية للاسلام على الوجه الصحيح ، والملتزمة به في حياتها بشكل دقيق ، بحيث تتخذ مواقف مبدئية من المشكلات التي تواجهها في الحياة والمجتمع ، ولا تقف على الحياد أمام هذه المشكلات وإنما تعبر عن التزامها النظري بالممارسة اليومية لنضال ضد الانحرافات . ويبدو لنا من دراسة مستعجلة لهذا المصطلح أنه ولد في الثقافة الاسلامية في وقت مبكر ، وبالتحديد حين بدأت قوى الانحراف تنشر مفاهيمها وأساليبها وتجمع لنفسها الأنصار . ولذا نجد أنه كثير الورود في كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي أسفرت قوى الانحراف في عهده عن وجهها واضطرته لخوض المعارك الفكرية والعسكرية معها ، وإذا كان قد عجز عن دحرها عسكريا وتحطيمها بشكل نهائي ، واخراجها من دائرة الحياة الاسلامية ، فإنه قد أفلح في فضحها ، وبيان زيفها على الصعيد الفكري . لقد ورد هذا المصطلح في خطب أمير المؤمنين علي ، وكتبه وكلماته القصار للتعبير عن الفئة الواعية في مقابلة غير الواعين ، ولبيان موقف الفئة الواعية من الاغراءات ، أو للتعبير عن موقف الانسان غير الواعي من الاغراءات والمخاوف . فقد ورد مثلا في كتاب منه إلى معاوية بن أبي سفيان ، قوله : ( وأرديت جيلا من الناس كثيرا خدعتهم بغيك ، وألقيتهم في موج بحرك . . فجاروا عن وجهتهم ونكصوا على أعقابهم ، . . . وعولوا على أحسابهم ، إلا من فاء من أهل البصائر ، فإنهم فارقوك بعد معرفتك ، وهربوا إلى الله من موازرتك ) نهج البلاغة - باب الكتب - رقم النص : 32 . ومما قاله عز الدين بن أبي الحديد في شرحه تعليقا على هذا النص : ( ( وعولوا على أحسابهم ) أي لم يعتمدوا على الدين ، وإنما أردتهم الحمية ونخوة الجاهلية فاخلدوا إليها وتركوا الدين ، ثم استثنى قوما فاءوا . . . ) شرح نهج البلاغة : 16 / 132 - 133 . وورد في خطبة له يومئ فيها إلى الملاحم ويصف فئة من أهل الضلال : ( وطال الأمد بهم ليستكملوا الخزي ، ويستوجبوا الغير ، حتى إذا اخلو لحق الاجل ، واستراح قوم إلى الفتن - لم يمنوا ( أهل البصائر ) على الله بالصبر ، ولم يستعظموا بذل أنفسهم في الحق ، حتى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدة البلاء ، حملوا بصائرهم على أسيافهم ، ودانوا لربهم بأمر وأعظمهم ) . وهو يعني الجاهليين من جهة والمسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله من جهة أخرى . وقال ابن أبي الحديد في شرحه تعليقا إلى هذا النص . ( . . حتى إذا ألقى هؤلاء السلام إلى هذه الفئة عجزا عن القتال ، واستراحوا من منابذتهم بدخولهم في ضلالتهم وفتنتهم . . . أنهض الله هؤلاء ، العارفين الشجعان فنهضوا ( وحمل هؤلاء العارفون بصائرهم على أسيافهم . . . يعني أنهم أظهروا بصائرهم وعقائدهم للناس وكشفوها ، وجردوها من أجفافها ، فكأنها شئ محمول على السيوف يبصره من يبصر السيوف . . . ) شرح نهج البلاغة : 9 / 129 - 131 . إن قوله : ( حملوا بصائرهم على أسيافهم ) يعني في لغتنا الحاضرة : المواقف المبدئية المعلنة والنضال في سبيلها . ومن النصوص التي وردت في نهج البلاغة عن أهل البصائر قوله عليه السلام في خطبة من خطب الملاحم . ( قد انجابت السرائر لأهل البصائر ووضحت محجة الطريق لخابطها . . . ) ومن ذلك قوله في خطبة يصف فيها النحلة والجرادة . ( ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق ، ولكن القلوب عليلة والبصائر مدخولة . . . ) . ومن ذلك قوله يخاطب أصحابه : ( . . . فانفذوا على بصائركم ، ولتصدق نياتكم في جهاد عدوكم ، فوالذي لا إله إلا هو اني لعلى جادة الحق ، وإنهم لعلى مزلة الباطل . . . ) ومن ذلك قوله في دعاء . ( اللهم انك آنس الآنسين لأوليائك . . تشاهدهم في سرائرهم ، وتطلع عليهم في ضمائرهم وتعلم مبلغ بصائرهم . . . ) . ومن ذلك قوله في إحدى كلماته القصار : ( . . . الأماني تعمي أعين البصائر . . . ) . وورد هذا المصطلح في كلمة للمهدي العباسي قالها لوزيره الربيع علق بها على موقف أحد الثوار في عهده وصلابته وثباته : ( أما ترى قلة خوفه وشدة قلبه ، هكذا تكون والله أهل البصائر ) ) مقاتل الطالبيين : 418 .

186

نام کتاب : أنصار الحسين ( ع ) نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين    جلد : 1  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست