والله لقد وقع لهذا الصبي في قلبي من المحبة شئ لا أحسن أصفه لك ، فلما كانت صلاة الفجر سرحت غنمها وحميرها مع غنم الناس وحميرهم ، فلما أمسوا وراحت الأغنام إلى منازلهم راحت غنم حليمة حفلة يكاد يبدر ما في ضرعها من اللبن ودوابها بطينة تكاد ان تفزر ، وراحت الأغنام على ما كانت تروح قبل ذلك فتكلم الناس في ذلك فقالوا : كيف هذا صار ان أغنامنا هلكت من الجوع ، وأغنام حليمة ودوابها تروح بطينة تكاد تتفزر ، وضروعها حفلة ، فقالت حليمة لزوجها يا فلان أتسمع الناس ما يقولون ؟ قال : يا حليمة قد رمى الناس غنمك ودوابك بابصارهم فاني خائف على أموالنا أن تهلك من أعين الناس ، فقالت له حليمة : كلا - وكانت موفقة - والله يا فلان إنا لأكرم على الله من هؤلاء الناس ، وإلهنا رزقنا ما ترى حتى يكون لدينا عظيما فلما انتشى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصار يخرج مع الرعاة إلى البرية كان يتجلى له جبريل ( عليه السلام ) فيفزع ففطنت به حليمة فكانت تكتم ذلك زمانا حتى أتاها صبي من الصبيان فأخبرها بخبره فلم تدر حليمة ما تصنع ، فاغتمت لذلك غما شديدا ، وكان رسول الله من أسرع الناس شبابا حتى أوحى الله إليه ، فامنت به حليمة وزوجها وعلما انه نبي مرسل مما كانا يرياه في منازلهما من الخير والبركة فكان هذا من دلائله ( عليه السلام ) . 24 - وعنه عن جعفر بن محمد بن مالك وكان جعفر بن مالك راويا علوم آل محمد ( عليهم السلام ) قال : - وكان الحسن عمه من فقهاء شيعة آل محمد - ( عليهم السلام ) : حدثنا محمد بن أحمد عن حمران بن أعين عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : لما أظهر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الرسالة والوحي بمكة واراهم الآيات العظيمة والبراهين المبهرة تحيرت قبائل قريش من بني أمية وبني تيم وعدي فيما اتى به النبي