responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المناظرات في الإمامة نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن    جلد : 1  صفحه : 313


أمر ولده وذريته من بعده ، وفسح للناس أن يقيموا ملكا من عرضهم ، وواحدا منهم ، وجعل بنيه سوقة كبعض العامة ، لكان بنوه بعده قليلا بقاؤهم ، سريعا هلاكهم ، ولوثب عليهم الناس ذوو الأحقاد والترات من كل جهة ، يقتلونهم ويشردونهم كل مشرد ، ولو أنه عين ولدا من أولاده للملك ، وقام خواصه وخدمه وخوله بأمره بعده ، لحقنت دماء أهل بيته ، ولم تطل يد أحد من الناس إليهم لناموس الملك ، وأبهة السلطنة ، وقوة الرئاسة ، وحرمة الأمارة !
أفترى ذهب عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا المعنى ، أم أحب أن يستأصل أهله وذريته من بعده ! وأين موضع الشفقة على فاطمة العزيزة عنده ، الحبيبة إلى قلبه !
أتقول : إنه أحب أن يجعلها كواحدة من فقراء المدينة ، تتكفف الناس ، وأن يجعل عليا ، المكرم المعظم عنده ، الذي كانت حاله معه معلومة ، كأبي هريرة الدوسي ، وأنس ابن مالك الأنصاري ، يحكم الأمراء في دمه وعرضه ونفسه وولده ، فلا يستطيع الامتناع ، وعلى رأسه مائة ألف سيف مسلول ، تتلظى أكباد أصحابها عليه ، ويودون أن يشربوا دمه بأفواههم ، ويأكلوا لحمه بأسنانهم ، قد قتل أبناءهم وإخوانهم وآباءهم وأعمامهم ، والعهد لم يطل ، والقروح لم تتقرف [1] ، والجروح لم تندمل [2] !



[1] تقرف الجرح : طلعت فوقه قشرة ، أي شارف البرء .
[2] وهذا ما حصل بالفعل فإنه بعد ما غصبوهم الخلافة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أغاروا على ذريته وعترته وأول ما لحق الأذى بفاطمة الزهراء - عليها السلام - بضعته وروحه التي بين جنبيه حتى كسروا ضلعها وأسقطوا جنينها بين الحائط والباب وغصبوها نحلتها ، حتى فارقت الدنيا وملوء قلبها الحزن والأسى ، ودفنت ليلا لئلا يشهد جنازتها من ظلمها وآذاها ، وأعفي قبرها ، وأغاروا كذلك على أمير المؤمنين - عليه السلام - وقادوه للبيعة وفي عنقه الحبل ، وقد قال وهو يشير إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - : ( يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) انظر شرح النهج لابن أبي الحديد ج 11 ص 111 . وأصبح جليس داره خمس وعشرين سنة صابرا محتسبا يرى تراثه نهبا حتى قاسى الدواهي العظام والمحن الجسام ومن ذلك حرب الجمل وصفين والنهروان ، كل ذلك حسدا وبغضا وكراهية له ، وما فعله بصناديدهم يوم بدر وحنين ، كما صرح بذلك أعداؤه ومبغضوه ، إلى أن مضى قتيلا على يد بن ملجم المرادي ، ومن بعده ابنه الحسن - عليه السلام - غدروا به حتى جرعوه السموم ، ومنعوا دفنه عند جده المصطفى - صلى الله عليه وآله - ثم جرت أعظم الدواهي والمصائب على ذريته فقتلوا سبطه الحسين وأهل بيته - عليهم السلام - وسبوا نسائه وأولاده من بلد إلى بلد . فراحت ذريته تقاسي ألوان العذاب والتشريد والقتل من بني أمية وبني العباس وغيرهم . فكل ما جرى على أهل البيت - عليهم السلام - هو بسبب غصبهم الخلافة وتنحيتهم عنها ، ولو كانت الخلافة في يد أهلها لما جرى عليهم ما جرى ولم يجري على الأمة ما جرى من الفرقة والاختلاف والنزاع والفتن وليس هذا فحسب بل كل ما ابتليت به الأمة من محن وفقر وبلاء وذل وغير ذلك هو بسبب تركهم من اختاره الله ونصبه خليفة لرسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال تعالى : ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ) الجن : الآية 16 ، وقال تعالى : ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) الأعراف : الآية 96 ، ولهذا المعنى يشير سلمان الفارسي في قوله : ولكن أبيتم فوليتموها - أي الخلافة - غيره فأبشروا بالبلايا واقنطوا من الرخاء ( الاحتجاج ج 1 ص 111 ) وأشار إلى هذا المعنى أيضا أبو ذر في قوله : أما لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله ، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ، ولما عال ولي الله ولا طاش سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله إلا وجدتم علم ذلك عندهم من كتاب الله وسنة نبيه ، فأما إذا فعلتم ما فعلتم فذوقوا وبال أمركم ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) . راجع : تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 171 عند ذكر ما نقم على أبي ذر .

313

نام کتاب : المناظرات في الإمامة نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن    جلد : 1  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست