فكما لم يدع تولية الوالي في حياته ، وروادهم [1] تأتيه بتقويمه لهم في اختلافهم ، ويردون [2] عليه فلا يغفل عن تقويمهم [ وإن غفلوا ] ولا يدع ملامتهم وإن زهدوا ، كذلك لم يدعهم بعد وفاته . فكيف استجازوا أن يعرفوه بأنه أهملهم بعد وفاته وتركهم بلا وال من قبله والحاجة إلى الوالي بعد وفاته أشد ، إذ لم يكن لهم من يقيمهم إذا اختلفوا ، وكان على الاختيار لهم أقدر ، ولا سيما وهو على الانتقال من دار الدنيا ، وذلك آخر عهده بأمته الذين لم يألها منذ ولاه الله أمرها ، [3] نظرا وعطفا ولينا وتأديبا ، وسنته في وفاته كسنته في حياته ، وذلك إنا لم نر ولم تر الأمة شيئا من سنة يغفلها مهملا بل لم يزدها الا تأكيدا ، ومن المحال أن يترك الأمة ويهمل أمرها حتى تختلف وتعمل بآرائها ، فيقع التفاوت والاختلاف ، وقد نفى الله ذلك عن نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) [4] ووصفه جل ذكره فقال : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) [5] ، فإذا وقع الاختلاف ، فكل فرقة تقول بما تهوى ، وعلى هذا تبطل سنة الرسول ، وتثبت سنن الأمة المختلف فيها ، [ كذا ] .
[1] - وفي " ش " : وزوائده تأتيه . [2] - وفي " ش " : ويرده عليهم . [3] - وفي " ح " : أراد الله . [4] - سورة يونس ، الآية : 15 . [5] - سورة النجم ، الآية : 3 و 4 .